السقيفة وفدك

الصفحة السابقة الصفحة التالية

السقيفة وفدك

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 76

أكتب لكم كتابا لا تضلون بعدي، فقال عمر كلمة معناها، أن الوجع قد غلب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قاله: عندنا القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف من في البيت واختصموا، فمن قائل يقول: القول ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومن قائل قال: القول ما قال عمر، فلما اكثروا اللغظ واللغو والاختلاف، غضب رسول الله فقال: قوموا. إنه لا ينبغي لنبي أن يختلف عنده هكذا... فقاموا، فمات رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك اليوم، فكان ابن عباس يقول: أن الرزية ما حال بيننا وبين كتاب رسول الله (صلى الله عليه وآله). * حدثنا أبو زيد. عن رجاله، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إن تولوها أبا بكر تجدوه ضعيفا في بدنه، قويا في أمر الله، وإن تولوها عمر تجدوه قويا في بدنه، قويا في أمر الله، وإن تولوها عليا - وما أراكم فاعلين - تجدوه هاديا مهديا، يحملكم على المحجة البيضاء، والصراط المستقيم. * وحدثنا أحمد بن إسحاق بن صال، عن أحمد بن سيار، عن سعيد بن كثير الأنصاري عن رجاله، عن عبد الله بن عبد الرحمن، أن رسول الله (صلى عليه وآله)، في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وأمره أن يغير على مؤتة حيث قتل أبوه زيد، وأن يغزو داري فلسطين، فتثاقل أسامة وتثاقل

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 6: 51، وقال بعد ذكره الحديث، قلت: هذا الحديث قد خرجه الشيخان محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج القشيري في صحيحهما، واتفق المحدثون كافة على روايته. صحيح البخاري 3: 91. النص والاجتهاد: 155. صحيح مسلم 3: 1259. (2) ابن أبي الحديد 6: 52. حلية الأولياء 1: 94، 64. مجمع الزوائد 8: 314. كفاية الطالب: 164، وفي هذه المصادر هكذا: إن تولوها عليا وما أراكم فاعلين تجدوه هاديا، مهديا، يحملكم على الحجة البيضاء، والصراط المستقيم. (3) من شيوخ المؤلف مرت ترجمته في المقدمة. (4) غزوة مؤتة، كانت في جمادى الأولى سنة 8، وسرية أسامة بن زيد وقعت في اليوم الثامن = (*)

ص 77

الجيش بتثاقله، وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مرضه بثقل ويخف، ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث، حتى قال له أسامة: بأبي أنت وأمي، أيأذن لي أن أمكث أياما حتى يشفيك الله تعالى؟ فقال: أخرج وسر على بركة الله، فقال: يا رسول الله، إن أنا خرجت وأنت على هذه الحال رجت وفي قلبي قرحة منك، فقال: سر على النصر والعافية، فقال: يا رسول الله إني أكره أن أسأل عنك الركبان، فقال: انفذ لما أمرتك به، ثم أغمي على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقام أسامة فتجهز للخروج، فلما أفاق رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سأل عن أسامة والبعث، فأخبر أنهم يتجهزون، فجعل يقول: انفذوا بعث أسامة، لعن الله من تخلف عنه، وكرر ذلك، فخرج أسامة واللواء على رأسه، والصحابة بين يديه حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر، وعمر، وأكثر المهاجرين، ومن الأنصار أسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وغيرهم من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له: ادخل فإن رسول الله يموت، فقام من فوره فدخل المدينة واللواء معه، فجاء به حتى ركزه بباب رسول الله، ورسول الله قد مات في تلك الساعة. قال: فما كان أبي بكر وعمر يخاطبان أسامة إلى أن ماتا إلا بالأمير. * حدثنا أبو زيد عمر بن شبة، عن عبد الله بن محمد بن حكيم الطائي، عن السعدي عن أبيه، أن سعيد بن العاص، حيث كان أمير الكوفة، بعث مع ابن أبي عائشة مولاه إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) بصلة، فقال علي (عليه السلام): والله لا يزال غلام من غلمان بني أمية يبعث إلينا مما أفاء الله على رسوله بمثل قوت الأرملة، والله لئن بقيت لأنفضنها نفض القصاب الوذام التربة.

(هامش)

= والعشرين من صفر بدأ به (صلى الله عليه وآله وسلم) مرض الموت. (1) الجرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام: معجم البلدان 2: 128. (2) ابن أبي الحديد 5: 52. النص والاجتهاد: 94. (3) ابن أبي الحديد 6: 175. قال ابن أبي الحديد بعد نقله الحديث: إعلم أن أصل هذا الخبر قد رواه أبو الفرج علي بن = (*)

ص 78

* عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما أخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس إلا أحد أبا ذر ولا يشيعه، وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به، فخرج به، وتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وعقيلا أخاه، وحسنا، وحسينا (عليهما السلام)، وعمارا فإنهم خرجوا معه يشيعونه، فجعل الحسن (عليه السلام) يكلم أبا ذر، فقال له مروان: إيها يا حسن ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل، فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك، فحمل علي (عليه السلام) على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته وقال: تنح نحاك الله إلى النار. فرجع مروان مغضبا إلى عثمان، فأخبره الخبر، فتلظى على علي (عليه السلام): يا أبا ذر إنك غضبت لله، أن القوم خافوك على دنياهم، وخفتهم على دينك، فامتحنوك بالقلى، ونفوك إلى الفلا، والله لو كانت السموات والأرض، على عبد رتقا، ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا. يا أبا ذر لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل، ثم قال لأصحابه: ودعوا عمكم، وقال لعقيل: ودع أخاك.

(هامش)

= الحسين الأصفهاني في كتاب الأغاني، بإسناده إلى الحارث بن حبيش قال: بعثني سعيد بن العاص - وهو يومئذ أمير الكوفة من قبل عثمان - بهدايا إلى المدينة وبعث معي هدية إلى علي (عليه السلام) وكتب إليه: أني لم أبعث إلى أحد أكثر مما بعثت به إليك إلا إلى أمير المؤمنين، فلما أتيت عليا (عليه السلام) وقرأ كتابه قال: لشد ما يخطر علي بنو أمية تراث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أما والله لئن وليتها لأنفضنها نفض القصاب التراب الوذمة. الوذام التربة: وهي الحزة من الكرش أو الكبد تقع في التراب فتنفض. (1) الربذة: قرية من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز. معجم البلدان 3: 24. (*)

ص 79

فتكلم عقيل، فقال: ما عسى أن نقول يا أبا ذر، وأنت تعلم أنا نحبك، وأنت تحبنا فاتق الله، فإن التقوى نجاة، واصبر فإن الصبر كرم، واعلم أن استثقالك الصبر من الجزع واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع. ثم تكلم الحسن، فقال: يا عماه، لولا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت، وللمشيع أن ينصرف، لقصر الكلم وإن طال الأسف، وقد أتى القوم إليك ما ترى، فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، وشدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك (صلى الله عليه وآله) وهو عنك راض. ثم تكلم الحسين (عليه السلام)، فقال: يا عماه، إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى، والله كل يوم هو في شأن، وقد منعك القوم دنياهم، ومنعتهم دينك، فما أغناك عما منعوك، وأحوجهم إلى ما منعتهم، فأسأل الله الصبر والنصر، واستعذ به من الجشع والجزع، فإن الصبر من الدين والكرم، وأن الجشع لا يقدم رزقا، والجزع لا يؤخر أجلا. ثم تكلم عمار رحمه الله مغضبا، فقال: لا آنس الله من أوحشك، ولا آمن من أخافك، أما والله لو أردت دنياهم لأمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك، وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا، والجزع من الموت، ومالوا إلى سلطان جماعتهم عليه، والملك لمن غلب، فوهبوا لهم دينهم، ومنحهم القوم دنياهم، فخسروا الدنيا والآخرة، ألا ذلك هو الخسران المبين. فبكى أبو ذر رحمه الله، وكان شيخا كبيرا وقال: رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة، إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ما لي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم، أني ثقلت على عثمان بالحجاز، كما ثقلت على معاوية بالشام، وكره أن أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين، فأفسد

(هامش)

يعني معصر والبصرة، كان والي مصر عبد الله بن سعيد بن أبي سرح أخا عثمان من الرضاعة، وكان على البصرة عبد الله بن عامر ابن خاله لأن أم عثمان أروى بنت كريز، وعبد الله بن عامر ابن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس. (*)

ص 80

الناس عليهما، فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلا الله، والله ما أريد إلا الله صاحبا، وما أخشى مع الله وحشة. ورجع القوم إلى المدينة، فجاء علي (عليه السلام) إلى عثمان، فقال له: ما حملك على رد رسولي، وتصغير أمري، فقال علي (عليه السلام): أما رسولك، فأراد أن يرد وجهي فرددته، وأما أمرك فلم أصغره. قال: أما بلغك نهي عن كلام أبي ذر، قال: أو كلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه، قال عثمان: أقد مروان من نفسك، قال: مم ذا؟ قال: من شتمه وجذب راحلته، قال: أما راحلته فراحلتي بها، وأما شتمه إياي، فوالله لا يشتمني شتمة إلا شتمتك مثلها، لا أكذب عليك. فغضب عثمان، وقال: لم لا يشتمك، كأنك خير منه، قال علي: أي والله ومنك ثم قام فخرج. فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين والأنصار وإلى بني أمية، يشكوا إليهم عليا (عليهم السلام)، فقال القوم: أنت الوالي عليه، وإصلاحه أجمل، قال: وددت ذاك، فأتوا عليا (عليه السلام)، فقالوا: لو اعتذرت إلى مروان وأتيته، فقال: كلا، أما مروان فلا آتيه، ولا أعتذر منه، ولكن إن أحب عثمان أتيته. فرجعوا إلى عثمان، فأخبروه، فأرسل عثمان إليه، فأتاه ومعه بنو هاشم، فتكلم علي (عليه السلام)، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما ما وجدت علي فيه من كلام أبي ذر ووداعه، فوالله ما أردت مساءتك ولا الخلاف عليك، ولكن أردت به قضاء حقه، وأما مروان فإنه اعترض، يريد ردي عن قضاء حق الله عز وجل، فرددته رد مثلي مثله، وأما ما كان مني إليك، فإنك أغضبتني، فأخرج الغضب مني ما لم أوده. فتكلم عثمان، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك، وأما ما كان منك إلى مروان، فقد عفا الله عنك، وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق، فأدن يدك، فأخذ يده فضمها إلى صدره. فلما نهض قالت قريش وبنو أمية لمروان: أأنت رجل، جبهك علي،

ص 81

وضرب راحلتك، وقد تفانت وائل في ضرع ناقة، وذبيان وعبس في لطمة فرس، والأوس والخزرج في نسعة، أفتحمل لعلي (عليه السلام) ما أتاه إليك. فقال مروان: والله لو أردت ذلك لما قدرت عليه. * حدثني محمد بن منصور الرمادي، عن عبد الرزاق، عن معمر عن زياد بن جبل، عن أبي كعب الحارثي، وهو ذو الإداوة وإنما سمي ذا الإداوة لأنه قال: خرجت في طلب إبل ضوال، فتزودت لبنا في إداوة، ثم قلت في نفسي: ما أنصفت ربي فأين الوضوء، فأرقت اللبن وملأتها ماء، فقلت: هذا وضوء وشراب، وطفقت أبغي إبلي، فلما أردت الوضوء اصطبيت من الإداوة ماء فتوضأت، ثم أردت الشراب، فلما اصطبيتها إذا لبن فشربت، فمكثت بذلك ثلاثا. فقالت له أسماء النحرانية، يا أبا كعب، أحقينا كان أم حليبا، قال: إنك لبطالة، كان يعصم من الجوع ويروي من الظمأ، أما إني حدثت بهذا نفرا من قومي، منهم علي بن الحارث سيد بني قتان، فلم يصدقني وقال: ما أظن الذي تقول كما قلت، فقلت: والله أعلم بذلك، ورجعت إلى منزلي، فبت ليلتي تلك، فإذا به صلاة الصبح على بابي فخرجت إليه، فقلت: رحمك الله لم تعنيت، ألا أرسلت إلي فأتيك فإني لأحق بذلك منك، قال: ما نمت الليلة إلا أتاني آت، فقال: أنت الذي تكذب من يحدث بما أنعم الله عليه قال أبو كعب: ثم خرجت حتى أتيت المدينة، فأتيت عثمان بن عفان وهو الخليفة يومئذ فسألته عن شيء من أمر ديني، وقلت: يا أمير المؤمنين، إني رجل من أهل اليمن من بني الحارث بن كعب، وإني أريد أن أسألك فأمر حاجبك ألا يحجبني، فقال: يا وتاب إذا جاءك هذا الحارثي فأذن له، قال: فكنت إذا جئت، فقرعت الباب

(هامش)

(1) النسعة: بكسر النون، حبل عريض طويل يشد به الرحال. (2) ابن أبي الحديد 8: 252. الغدير 8: 3 1. الدرجات الرفيعة: 248. (3) الصحيح أحمد بن منصور الرمادي، وقد ذكرنا ترجمته في المقدمة. (4) الإداوة: بالكسر إناء صغير من جلد. (*)

ص 82

قال: من ذا؟ فقلت: الحارثي فيقول: ادخل، فدخلت يوما فإذا عثمان جالس وحوله نفر سكوت لا يتكلمون، كأن على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم جلست، فلم أسأله عن شيء لما رأيت من حالهم وحاله، فبينما أنا كذلك إذ جاء نفر فقالوا: أنه أبى أن يجئ قال: فغضب وقال: أبى أن يجئ، اذهبوا فجيئوا به، فإن أبى فجروه جرا. قال: فمكثت قليلا فجاءوا ومعهم رجل آدم طوال أصلع، في مقدم رأسه شعرات، وفي قفاه شعرات، فقلت: من هذا، قالوا: عمار بن ياسر، فقال له عثمان: أنت الذي تأتيك رسلنا فتأبى أن تجئ، قال: فكلمه بشيء لم أدر ما هو، ثم خرج، فما زالوا ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري فقام، فقلت: والله لا أسأل عن هذا الأمر أحدا أقول حدثني فلا حتى أدري ما يصنع، فتبعته حتى دخل المسجد، فإذا عمار جالس إلى سارية وحوله نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبكون، فقال عثمان: يا وتاب علي بالشرط، فجاءوا فقال: فرقوا بين هؤلاء، ففرقوا بينهم. ثم أقيمت الصلاة، فتقدم عثمان فصلى بهم، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها: يا أيها الناس، ثم تكلمت، وذكرت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما بعثه الله به، ثم قالت: تركتم أمر الله. وخالفتم عهده ونحو هذا، ثم صمتت، وتكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك، فإذا هما عائشة، وحفصة. قال: فسلم عثمان، ثم أقبل على الناس وقال: إن هاتين لفتانتان، يحل لي سبهما، وأنا بأصلهما عالم. فقال له سعد بن أبي وقاص: أتقول هذا لحبائب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: وفيم أنت، وما هاهنا، ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه به فانسل سعد. فخرج من المسجد فأتبعه عثمان، فلقي عليا (عليه السلام) بباب المسجد، فقال له (عليه السلام): أين تريد؟ قال: أريد هذا الذي كذا وكذا - يعني سعدا يشتمه - فقال له علي (عليه السلام): أيها الرجل دع عنك

ص 83

هذا، قال: فلم يزل بينهما كلام حتى غضبا، فقال عثمان: ألست الذي خلفك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم تبوك، فقال علي: ألست الغر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، يوم أحد. قال: ثم حجز الناس بينهما، قال ثم خرجت من المدينة حتى انتهيت إلى الكوفة فوجدت أهلها أيضا وقع بينهم شر، ونشبوا في الفتنة، وردوا سعيد بن العاص، فلم يدعوه يدخل إليهم، فلما رأيت ذلك رجعت حتى أتيت بلاد قومي. * محمد بن قيس الأسدي، عن المعروف بن سويد، قال: كنت بالمدينة أيام بويع عثمان، فرأيت رجلا في المسجد جالسا وهو يصفن بإحدى يديه على الأخرى، والناس حوله. ويقول: واعجبا من قريش واستئثارهم بهذا الأمر على أهل هذا البيت، معدن الفضل، ونجوم الأرض، ونور البلاد، والله أن فيهم لرجلا ما رأيت رجلا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى منه بالحق، ولا أقضى بالعدل، ولا آمر بالمعروف، ولا أنهى عن المنكر، فسألت عنه فقيل: هذا المقداد، فتقدمت إليه، وقلت: أصلحك الله من الرجل الذي تذكره، فقال: ابن عم نبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، علي بن أبي طالب. قال: فلبثت ما شاء الله، ثم إني لقت أبا ذر رحمه الله، فحدثته ما قال المقداد، فقال: صدق، قلت: فما يمنعكم أن تجعلوا هذا الأمر فيهم، قال: أبى ذلك قومهم، قلت: فما يمنعكم أن تعينوهم قال: مه لا تقل هذا، إياكم والفرقة والاختلاف. قال: فسكت عنه ثم كان من الأمر بعد ما كان.

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 9: 3. (2) أبو نصر محمد بن قيس الأسدي الوالي الكوفي... كان من الثقاة روى عنه حفيده وهب ابن إسماعيل بن محمد بن قيس، والثوري وشعبة وعلي بن مسهر، وحفص بن غياث، ويحيى بن سعيد الأموي، ووكي، وأبو نعيم وآخرون. تهذيب التهذيب 9: 412. (3) يصفن: يضرب. (4) ابن أبي الحديد) 9: 21. الغدير 9: 114 بلفظ آخر. تاريخ اليعقوبي 2: 14. (*)

ص 84

* لما طعن عمر جعل الأمر شورى بين ستة نفر: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن مالك، وكان طلحة يومئذ بالشام، وقال عمر: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، قبض وهو عن هؤلاء راض، فهم أحق بهذا الأمر من غيرهم، وأوصى صهيب بن سنان، مولى عبد الله بن جدعان ويقال: أن أصله من حي من ربيعة بن نزار، يقال لهم عنزة - فأزره أن يصلي بالناس حتى يرضى هؤلاء القوم رجلا منهم، وكان عمر لا يشك أن هذا الأمر صائر إلى أحد الرجلين: علي، وعثمان، وقال: إن قدم طلحة فهو معهم، وإلا فلتختر الخمسة واحدا منهم. وروي أن عمر قبل موته أخرج سعد بن مالك من أهل الشورى، وقال: الأمر في هؤلاء الأربعة، ودعوا سعدا على حاله أميرا بين يدي الإمام، ثم قال: ولو كان أبو عبيدة بن الجراح حيا لما تخالجني فيه الشكوك، فإن اجتمع ثلاثة على واحد، فكونوا مع الثلاثة، وإن اختلفوا فكونوا مع الجانب الذي فيه عبد الرحمن. وقال لأبي طلحة الأنصاري: يا أبا طلحة، فوالله لطالما أعز الله بكم الذين، ونصر بكم الإسلام، اختر من الإسلام خمسين رجلا، فأت بهم هؤلاء القوم في كل يوم مرة، فاستحثوهم حتى يختاروا لأنفسهم وللأمة رجلا منهم. ثم جمع قوما من المهاجرين والأنصار، فأعلمهم ما أوصى به، وكتب في وصيته أن يولي الإمام سعد بن مالك الكوفة، وأبا موسى الأشعري، لأنه كان عزل سعدا عن سخطه فأحب أن يطلب ذلك إلى من يقوم بالأمر من بعده استرضاء لسعد. قال الشعبي: فحدثني من لا أتهمه من الأنصار - هو سهل بن سعد الأنصاري - قال: مشيت وراء علي بن أبي طالب، حيث انصرف من عند عمر، والعباس بن عبد المطلب يمشي في جانبه، فسمعته يقول للعباس: ذهبت منا والله، فقال: كيف علمت، قال: ألا تسمعه يقول: كونوا في الجانب الذي فيه عبد الرحمن لأنه ابن عمه، وعبد الرحمن نظير عثمان وهو صهره، فإذا اجتمع هؤلاء فلو أن الرجلين الباقيين كانا معي لم يغنيا عني

ص 85

شيئا، مع أني لست أرجو إلا أحدهما، ومع ذلك فقد أحب عمر أن يعلمنا أن لعبد الرحمن عنده فضلا علينا، لعمر الله ما جعل الله ذلك لهم علينا، كما لم يجعله لأولادهم على أولادنا، أما والله لئن عمر لم يمت لأذكرنه ما أتى إلينا قديما، ولأعلمته سوء رأيه فينا، وما أتى إلينا حديثا، ولئن مات - وليموتن - ليجتمعن هؤلاء القوم على أن يصرفوا هذا الأمر عنا، ولئن فعلوها - وليفعلن - ليرونني حيث يكرهون، والله ما بي رغبة في السلطان، ولا حب الدنيا، ولكن لإظهار العدل والقيام بالكتاب والسنة. قال: ثم التفت فرآني وراءه فعرفت أنه قد ساءه ذلك، فقلت: لا ترع أبا حسن، لا والله يستمع أحد الذي سمعت منك في الدنيا ما اصطحبنا فيها، فوالله ما سمعه مني مخلوق حتى قبض الله عليا إلى رحمته. قال عوانة: فحدثنا إسماعيل، قال: حدثني الشعبي، قال: فلما مات عمر، وأدرج في أكفانه، ثم وضع ليصلي عليه، تقدم علي بن أبي طالب فقام عند رأسه، وتقدم عثمان فقام عند رجليه، فقال علي (عليه السلام): هكذا ينبغي أن تكون الصلاة، فقال عثمان: بل هكذا، فقال عبد الرحمن: ما أسرع ما اختلفتم، يا صهيب: صل على عمر كما رضي أن تصلي بهم المكتوبة، فتقدم صهيب فصلى على عمر. قال الشعبي: وأدخل أهل الشورى دارا، فأقبلوا يتجادلون عليها، وكلهم بها ضنين، وعليها حريص، إما لدنيا وإما لآخرة، فلما طال ذلك قال عبد الرحمن: من رجل منكم يخرج نفسه عن هذا الأمر، ويختار لهذه الأمة رجلا منكم، فإن طيبة نفسي أن أخرج منها، واختار لكم قالوا: قد رضينا إلا علي بن أبي طالب فإنه اتهمه، وقال: أنظر وأرى، فأقبل أبو طلحة عليه، وقال: يا أبا الحسن، ارض برأي عبد الرحمن، كان الأمر لك أو لغيرك، فقال علي: أعطني يا عبد الرحمن موثقا من الله لتؤثرن الحق ولا تتبع الهوى، ولا تمل إلى صهر ولا ذي قرابة، ولا تعمل إلا لله، ولا تألو هذه الأمة أن تختار لها خيرها. قال: فحلف له عبد الرحمن بالله الذي لا إله إلا هو، لأجتهدن لنفسي

ص 86

ولكم وللأمة، ولا أميل إلى هوى ولا إلى صهر، ولا ذي قرابة. قال: فخرج عبد الرحمن، فمكث ثلاثة أيام يشاور الناس، ثم رجع واجتمع الناس، وكثروا على الباب لا يشكون أنه يبايع علي بن أبي طالب، وكان هوى قريش كافة ما عدا بني هاشم في عثمان، وهوى طائفة من الأنصار مع علي، وهوى طائفة أخرى مع عثمان، وهي أقل الطائفتين، وطائفة لا يبالون: أيهما بويع. قال: فأقبل المقداد بن عمرو، والناس مجتمعون فقال: أيها الناس اسمعوا ما أقول: أنا المقداد بن عمرو، إنكم إن بايعتم عليا سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عثمان سمعنا وعصينا، فقام عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي، فنادى: أيها الناس إنكم إن بايعتم عثمان سمعنا وأطعنا، وإن بايعتم عليا سمعنا وعصينا، فقال له المقداد: يا عدو الله وعدو رسوله وعدو كتابه، ومتى كان مثلك يسمع له الصالحون، فقال له عبد الله: يا ابن الحليف العسيف ومتى كان مثلك يجترئ على الدخول في أمر قريش. فقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح: أيها الملأ، إن أردتم ألا تختلف قريش بينها، فبايعوا عثمان، فقال عمار بن ياسر: إن أردتم ألا يختلف المسلمون فيما بينهم فبايعوا عليا، ثم أقبل على عبد الله بن سعد بن أبي سرح فقال: يا فاسق يا ابن الفاسق، أأنت ممن يستنصحه المسلمون أو يستشيرونه في أمورهم، وارتفعت الأصوات، ونادى مناد لا يدري من هو، فقريش تزعم أنه رجل من بني مخزوم، والأنصار تزعم أنه رجل طوال آدم مشرف على الناس، لا يعرفه أحد منهم، يا عبد الرحمن، افرغ من أمرك، وامض على ما في نفسك فإنه الصواب. قال الشعبي: فأقبل عبد الرحمن على علي بن أبي طالب، فقال: عليك عهد الله وميثاقه، وأشد ما أخذ الله على النبيين من عهد وميثاق: إن بايعتك لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبي بكر، وعمر، فقال علي

(هامش)

(1): المستهان به. (*)

ص 87

(عليه السلام): طاقتي ومبلغ علمي وجهدي رأيي، والناس يسمعون. فأقبل على عثمان، فقال له مثل ذلك فقال: نعم لا أزول عنه ولا أدع شيئا منه. ثم أقبل على علي فقال له ذلك ثلاث مرات، ولعثمان ثلاث مرات، في كل ذلك يجيب علي مثل ما كان أجاب به، ويجيب عثمان بمثل ما كان أجاب به. فقال: أبسط يدك يا عثمان، فبسط يده فبايعه، وقام القوم فخرجوا، وقد بايعوا إلا علي بن أبي طالب، فإنه لم يبايع. قال: فخرج عثمان على الناس ووجهه متهلل، وخرج علي وهو كاسف البال مظلم، وهو يقول: يا ابن عوف، ليس هذا بأول يوم تظاهرتم علينا، من دفعنا عن حقنا والاستئثار علينا، وإنها لسنة علينا، وطريقة تركتموها. فقال المغيرة بن شعبة، لعثمان: أما والله لو بويع غيرك لما بايعناه، فقال عبد الرحمن بن عوف: كذبت، والله لو بويع غيره لبايعته، وما أنت وذاك يا ابن الدباغة، والله لو وليها غيره لقلت له مثل ما قلت الآن، تقربا إليه وطمعا في الدنيا، فاذهب لا أبا لك. قال المغيرة: لولا مكان أمير المؤمنين لأسمعتك ما تكره، ومضيا. قال الشعبي: فلما دخل عثمان رحله دخل إليه بنو أمية حتى امتلأت بهم الدار، ثم أغلقوها عليهم، فقال أبو سفيان بن حرب: أعندكم أحد من غيركم، قالوا: لا، قال: يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة، فو الذي يحلف به أبو سفيان، ما من عذاب ولا حساب، ولا جنة ولا نار، ولا بعث ولا قيامة. قال: فانتهره عثمان، وساءه بما قال، وأمر بإخراجه. قال الشعبي: فدخل عبد الرحمن بن عوف، على عثمان، فقال له: ما صنعت فوالله ما وقفت حيث تدخل رحلك قبل أن تصعد المنبر، فتحمد الله وتثني عليه، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتعد الناس خيرا. قال: فخرج عثمان، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: هذا مقام لم نكن نقومه، ولم نعد له من الكلام الذي يقام به في مثله،

ص 88

وسأهيئ، ذلك إن شاء الله، ولن آلوا أمة محمدا خيرا، والله المستعان. قال عوانة: فحدثني يزيد بن جرير، عن الشعبي، عن شقيق بن مسلمة، أن علي بن أبي طالب، لما انصرف إلى رحله، قال لبني أبيه: يا بني عبد المطلب، إن قومكم عادوكم بعد وفاة النبي كعداوتهم النبي في حياته، وأن يطع قومكم لا تؤمروا أبدا، ووالله لا ينيب هؤلاء إلى الحق إلا بالسيف. قال: وعبد الله بن عمر بن الخطاب، داخل إليهم، قد سمع الكلام كله، فدخل وقال: يا أبا الحسن، أتريد أن تضرب بعضهم ببعض فقال: اسكت ويحك، فوالله لولا أبوك وما ركب مني قديما وحديثا، ما نازعني ابن عفان، ولا ابن عوف، فقام عبد الله فخرج. قال: وأكثر الناس في أمر الهرمزان، وعبيد الله بن عمر، وقتله إياه، وبلغ ما قال فيه علي بن أبي طالب، فقام عثمان فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: أيها الناس أنه كان من قضاء الله أن عبيد الله بن عمر بن الخطاب أصاب الهرمزان، وهو رجل من المسلمين، وليس له وارث إلا الله والمسلمون، وأنا إمامكم وقد عفوت، أفتعفون عن عبيد الله ابن خليفتكم بالأمس، قالوا: نعم، فعفا عنه، فلما بلغ ذلك عليا تضاحك، وقال: سبحان الله، لقد بدأ بها عثمان، أيعفو عن حق امرئ ليس يواليه، تالله أن هذا لهو العجب، قالوا: فكان ذلك أول ما بدا من عثمان مما نقم عليه. قال الشعبي: وخرج المقداد من الغد، فلقى عبد الرحمن بن عوف، فأخذ بيده، وقال: إن أردت بما صنعت وجه الله، فأثابك الله ثواب الدنيا والآخرة، وإن كنت إنما أردت الدنيا فأكثر الله مالك. فقال عبد الرحمن: اسمع، رحمك الله، اسمع، قال: لا أسمع والله، وجذب يده من يده، ومضى حتى دخل على علي (عليه السلام)، فقال: قم فقاتل حتى نقاتل معك، قال علي: فبمن أقاتل رحمك الله، وأقبل عمار بن ياسر ينادي: يا ناعي الإسلام قم فانعه قد مات عرف وبدا نكر

ص 89

أما والله لو أن لي أعوانا لقاتلتهم، والله لئن قاتلتهم واحدا لأكونن له ثانيا، قال علي: يا أبا اليقظان، والله لا أجد عليهم أعوانا، ولا أحب أن أعرضكم لما لا تطيقون، وبقي (عليه السلام) في داره، وعنده نفر من أهل بيته، وليس يدخل إليه أحد مخافة عثمان. قال الشعبي: واجتمع أهل الشورى على أن تكون كلمتهم واحدة على من لم يبايع، فقاموا إلى علي، فقالوا: قم فبايع عثمان، قال: فإن لم أفعل، قالوا: نجاهدك قال: فمشى إلى عثمان حتى بايعه، وهو يقول: صدق الله ورسوله، فلما بايع أتاه عبد الرحمن بن عوف فاعتذر إليه، وقال: إن عثمان أعطانا يده ويمينه، ولم تفعل أنت، فأحببت أن أتوثق للمسلمين فجعلتها فيه، فقال: أيها عنك، إنما آثرته بها لتنالها بعده، دق الله بينكما عطر منشم. قال الشعبي: وقدم طلحة من الشام بعد ما بويع عثمان، فقيل له: رد هذا الأمر حتى ترى فيه رأيك، فقال: والله لو بايعتم شركم لرضيت، فكيف وقد بايعتم خيركم، قال: ثعدا؟ عليه بعد ذلك وصاحبه حتى قتلاه، ثم زعما أنهما يطلبان بدمه. قال الشعبي: فأما ما يذكره الناس من المناشدة، وقول علي (عليه السلام)، الشورى: أفيكم أحد قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذا، فإنه لم يكن يوم البيعة، وإنما كان بعد ذلك بقليل، دخل علي (عليه السلام) على عثمان وعنده جماعة من الناس، منهم أهل الشورى، وقد كان بلغه عنهم هنات وقوارص، فقال لهم: أفيكم أفيكم، كل ذلك يقولون لا قال: لكني أخبركم عن أنفسكم، أما أنت يا عثمان ففررت يوم حنين، وتوليت يوم التقى الجمعان، وأما أنت يا طلحة فقلت: إن مات محمد لتركضن بين خلا خيل نسائه كما ركض بين خلا خيل نسائنا، وأما أنت يا عبد الرحمن، فصاحب قراريط، وأما أنت يا سعد فتدق عن أن تذكر.

(هامش)

(1) منشم: امرأة عطارة من فزاعة، فتحالف قوم فأدخلوا أيديهم في عطرها على أن يقاتلوا حتى يموتوا، فضرب ذلك مثلا لشدة الأمر. (*)

ص 90

قال: ثم خرج فقال عثمان: أما كان فيكم أحد يرد عليه، قالوا: وما منعك من ذلك وأنت أمير المؤمنين، وتفرقوا. قال عوانة: قال إسماعيل: قال الشعبي: فحدثني عبد الرحمن بن جندب، عن أبيه جندب بن عبد الله الأزدي، قال: كنت جالسا بالمدينة حيث بويع عثمان، فجئت فجلست إلى المقداد بن عمرو، فسمعته يقول: والله ما رأيت مثل ما أتى إلى أهل هذا البيت، وكان عبد الرحمن بن عوف جالسا فقال: وما أنت وذاك يا مقداد، قال المقداد: إني والله أحبهم لحب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإني لأعجب من قريش وتطاولهم على الناس بفضل رسول الله، ثم انتزاعهم سلطانه من أهله، قال عبد الرحمن: أما والله لقد أجهدت نفسي لكم، قال المقداد: أما والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون، أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي إياهم ببدر، وأحد، فقال عبد الرحمن، ثكلتك أمك، لا يسمعن هذا الكلام الناس، فإني أخاف أن تكون صاحب فتنة وفرقة. قال المقداد: إن من دعا إلى الحق وأهله وولاة الأمر لا يكون صاحب فتنة، ولكن من أقحم الناس في الباطل، وآثر الهوى على الحق، فذلك صاحب الفتنة والفرقة. قال: فتريد وجه عبد الرحمن، ثم قال: لو أعلم أنك إياي تعني لكان لي ولك شأن. قال المقداد: إياي تهدد يا ابن أم عبد الرحمن، ثم قام عن عبد الرحمن فانصرف. قال جندب بن عبد الله: فاتبعته وقلت له: يا عبد الله، أنا من أعوانك، فقال: رحمك الله، إن هذا الأمر لا يغني فيه الرجلان ولا الثلاثة، قال: فدخلت من فوري ذلك على علي (عليه السلام)، فلما جلست إليه

(هامش)

(1) أبو الحكم عوانة بن الحكم بن عوانة بن عياض من بني كلب مات 147 مؤرخ من أهل الكوفة ضرير كان عالما بالأنساب والشعر فصيحا واتهم بوضع الأخبار لبني أمية له كتاب في التاريخ، وسيرة معاوية، نكت الهميان: 222. الشذرات 1: 243 وفيه وفاته 158 الأعلام 5: 272. النديم: 91. إرشاد الأديب 6: 93. (*)

ص 91

قلت: يا أبا الحسن، والله ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك، فقال: صبر جميل والله المستعان. فقلت: والله إنك لصبور، قال: فإن لم أصبر فماذا أصنع، قلت: إني جلست إلى المقداد بن عمرو آنفا، وعبد الرحمن بن عوف، فقالا كذا وكذا، ثم قام المقداد فاتبعته، فقلت له كذا، فقال لي كذا، فقال علي (عليه السلام)، لقد صدق المقداد فما أصنع، فقلت: تقوم في الناس فتدعوهم إلى نفسك، وتخبرهم أنك أولى بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك، فإن أجابك عشرة من مائة شددت بهم على الباقين، فإن دانوا لك فذاك، وإلا قاتلتهم وكنت أولى بالعذر، قتلت أو بقيت، وكنت أعلى عند الله حجة. فقال: أترجوا يا جندب أن يبايعني من كل عشرة واحد، قلت: أرجو ذلك، قال: لكني لا أرجو ذلك، لا والله ولا من المائة واحد، وسأخبرك أن الناس إنما ينظرون إلى قريش فيقولون: هم قوم محمد وقبيله، وأما قريش بينها فتقول: إن آل محمد يرون لهم على الناس بنبوته فضلا، ويرون أنهم أولياء هذا الأمر دون قريش، ودون غيرهم من الناس، وهم إن ولوه لم يخرج السلطان منهم إلى أحد أبدا، ومتى كان في غيرهم تداولته قريش بينها، لا والله لا يدفع الناس إلينا هذا الأمر طائعين أبدا. قلت: جعلت فداك يا ابن عم رسول الله، لقد صدعت قلبي بهذا القول، أفلا أرجع إلى المصر، فؤذن الناس بمقالتك، وأدعو الناس إليك، فقال: يا جندب ليس هذا زمان ذاك. قال: فانصرفت إلى العراق فكنت أذكر فضل علي على الناس، فلا أعدم رجلا يقول لي ما أكره، وأحسن ما أسمعه قول من يقول: دع عنك هذا وخذ فيما ينفعك، فأقول: إن هذا مما ينفعني وينفعك، فيقوم عني ويدعني. حتى رفع ذلك من قولي إلى الوليد بن عقبة، أيام ولينا، فبعث إلي فحبسني حتى كلم في، فخلى سبيلي. ونادى عمار بن ياسر ذلك اليوم: يا معشر المسلمين، إنا قد كنا وما كنا

ص 92

نستطيع الكلام، قلة وذلة، فأعزنا الله بدينه، وأكرمنا برسوله، فالحمد لله رب العالمين، يا معشر قريش، إلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم، تحولونه هنا هنا مرة، وها هنا مرة، وما أنا آمن أن ينزعه الله منكم، ويضعه في غيركم، كما نزعتموه من أهله، ووضعتموه في غير أهله. فقال له هاشم بن الوليد بن المغيرة: يا ابن سمية، لقد عدوت طورك وما عرفت قدرك، ما أنت وما رأت قريش لأنفسها، إنك لست في شيء من أمرها وإمارتها فتنح عنها. وتكلمت قريش بأجمعها، فصاحوا بعمار وانتهروه، فقال: الحمد لله رب العالمين، ما زال أعوان الحق أذلاء، ثم قام فانصرف. * حدثني عمر بن شبه، عن علي بن محمد، عن قتادة، قال: كان المغيرة بن شعبة - وهو أمير البصرة - يختلف إلى امرأة من ثقيف، يقال لها: الرقطاء، فلقيه أبو بكرة يوما فقال له: أين تريد قال: أذكروا آل فلان، فأخذ بتلابيبه وقال: إن الأمير يزار ولا يزور. وكانت المرأة التي يأتيها جارة لأبي بكرة فقال: فبينا أبو بكرة في غرفة له مع أخيه، نافع، وزياد ورجل آخر يقال له: شبل بن معبد، وكانت غرفة جارته تلك محاذية غرفة أبي بكرة فضربت الريح باب غرفة المرأة، ففتحته، فنظر القوم فإذا هم بالمغيرة ينكحها، فقال أبو بكرة: هذه بلية قد ابتليتم بها، فانظروا، فنظروا حتى أثبتوا، فنزل أبو بكرة، فجلس حتى خرج عليه المغيرة، من بيت المرأة، فقال له أبو بكرة: إنه قد كان من أمرك ما قد علمت، فاعتزلنا، فذهب المغيرة وجاء ليصلي بالناس الظهر، فمنعه أبو بكرة وقال: لا والله لا تصلي بنا، وقد فعلت ما فعلت، فقال الناس: دعوه فليصل، إنه الأمير واكتبوا إلى عمر، فكتبوا إليه، فورد كتابه أن يقدموا عليه جميعا، المغيرة والشهود. فبعث عمر بأبي موسى، وعزم عليه ألا يضع كتابه من يده حتى يرحل

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 9: 49 - 58. (*)

ص 93

المغيرة، فخرج أبو موسى حتى صلى صلاة الغداة بظهر المربد وأقبل إنسان فدخل على المغيرة، فقال: إني رأيت أبا موسى قد دخل المسجد الغداة، وعليه برنس، وها هو في جانب المسجد، فقال المغيرة: إنه لم يأت زائرا ولا تاجرا. وجاء أبو موسى حتى دخل على المغيرة ومعه صحيفة ملء يده فلما رآه قال: أمير فأعطاه أبو موسى الكتاب، فلما ذهب يتحرك عن سريره قال له: مكانك تجهز ثلاثا. وقال آخرون: إن أبا موسى أمره أن يرحل من وقته، فقال: المغيرة: قد علمت ما وجهت له، فألا تقدمت وصليت، فقال: ما أنا وأنت في هذا الأمر إلا سواء، فقال المغيرة: إني أحب أن أقيم ثلاثا لأتجهز. فقال أبو موسى: قد عزم أمير المؤمنين ألا أضع عهدي من يدي، إذ قرأته حتى أرحلك إليه، قال: إن شئت شفعتني، وأبررت قسم أمير المؤمنين بأن تؤجلني إلى الظهر، وتمسك الكتاب في يدك. فلقد رئي أبو موسى مقبلا ومدبرا، وإن الكتاب في يده معل بخيط، فتجهز المغيرة، وبعث إلى أبي موسى بعقيلة، جارية عربية من سبي اليمامة، من بني حنفية، ويقال: إنها مولدة الطائف، ومعها خادم، وسار المغيرة حين صلى الظهر، حتى قدم على عمر. قال أبو زيد عمر بن شبه: فجلس له عمر ودعا به وبالشهود، فتقدم أبو بكرة فقال: أرأيته بين فخذيها؟ قال: نعم، والله، لكأني أنظر إلى تشريم جدري بفخذيها، قال المغيرة: لقد ألطفت النظر، قال أبو بكرة: لم آل أن أثبت ما يخزيك الله به، فقال عمر: لا والله حتى تشهد. لقد رأيته يلج فيها كما يلج المرود في المكحلة، قال: نعم أشهد على ذلك، فقال عمر: اذهب عنك مغيرة، ذهب ربعك. ثم دعا نافعا فقال: علام تشهد؟ قال: على مثل شهادة أبي بكرة، فقال عمر: لا حتى تشهد إنك رأيته يلج فيها ولوج المرود في المكحلة، قال

(هامش)

(1) المربد: من أشهر محال البصرة، وكان يكون فيه سوق الإبل قديما، ثم صار محلة عظيمة سكنها الناس، وبه كانت مغافرات الشعراء ومجالس الخطباء. معجم البلدان 5: 98. (*)

ص 94

نعم: حتى بلغ قذذه فقال: اذهب عنك مغيرة، ذهب نصفك، ثم دعا الثالث، وهو شبل بن معبد فقال، علام تشهد؟ قال: على مثل شهادتي صاحبي، فقال: اذهب عنك مغيرة، ذهب ثلاثة أرباعك. قال: فجعل المغيرة يبكي إلى المهاجرين، وبكى إلى أمهات المؤمنين حتى بكين معه، قالك ولم يكن زياد حضر ذلك المجلس، فأمر عمر أن ينحي الشهود الثلاثة وألا يجالسهم أحد من أهل المدينة، وانتظر قدوم زياد، فلما قدم جلس في المسجد، واجتمع رؤوس المهاجرين والأنصار. قال المغيرة: وكنت قد أعددت كلمة أقولها، فلما رأى عمر زيادا مقبلا، قال: إني لأرى رجلا لن يخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين. وفي حديث أبي زيد عمر بن شبه، عن السري، عن عبد الكريم بن رشيد، عن أبي عثمان الهندي، أنه لما شهد الشاهد الأول عند عمر تغير الثالث لذلك لون عمر، ثم جاء الثاني فشهد، فانكسر لذلك انكسارا شديدا، ثم جاء فشهد، فكأن الرماد نثر على وجه عمر فلما جاء زياد، جاء شاب يخطر بيديه، فرفع عمر رأسه إليه، وقال: ما عندك أنت يا سلح العقاب، وصاح أبو عثمان الهندي، صيحة تحكي صيحة عمر، قال عبد الكريم بن رشيد: لقد كدت أن يغشى علي لصيحته. فكان المغيرة يحدث، قال: فقمت إلى الزياد فقلت لا مخبأ لعطر بعد عروس يا زياد، أذكرك الله، وأذكرك موقف القيامة وكتابه ورسوله، أن تتجاوز إلى ما لم تر، ثم صمت، يا أمير المؤمنين إن هؤلاء قد احتقروا دمي فالله الله في دمي، قال: فتدفقت عينا زياد، واحمر وجهه وقال: يا أمير المؤمنين، أما أن أحق ما حق القوم، فليس عندي ولكني رأيت مجلسا قبيحا، وسمعت نفسا حثيثا، وانتهارا، ورأيته متبطنها، فقال عمر: أرأيته يدخل ويخرج كالميل في المكحلة؟ قال: لا. وروي أنه قال: رأيته رافعا برجليها، ورأيت خصيتيه مترددتين بين

(هامش)

(1) قذذه: جمع قذة، وهي جانب الخباء. (*)

ص 95

فخذيها، وسمعت حفزا شديدا، وسمعت نفسا عاليا، فقال عمر: أرأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟ قال: لا. فقال عمر: الله أكبر. قم يا مغيرة إليهم فاضربهم، فجاء المغيرة إلى أبي بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين. وروى قوم أن الضارب لهم الحد لم يكن المغيرة، وأعجب عمر قول زياد، ودرأ الحد عن المغيرة، فقال أبو بكرة بعد أن ضرب: أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا، فهم عمر بضربه فقال له علي (عليه السلام): إن ضربته رجمت صاحبك، ونهاه عن ذلك. فاستتاب عمر، أبا بكرة فقال: إنما تستتيبني لتقبل شهادتي، قال: أجل، قال: فإني لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا، قال: فلما ضربوا الحد قال المغيرة: الله أكبر، الحمد لله الذي أخزاكم، فقال عمر: اسكت أخزى الله مكانا رأوك فيه. وأقام أبو بكرة على قوله، وكان يقول: والله ما أنسى قط فخذيها، وتاب الاثنان فقبل شهادتهما، وكان أبو بكرة بعد ذلك إذا طلب إلى شهادة قال: اطلبوا غيري، فإن زيادا أفسد علي شهادتي. وكانت الرقطاء التي رمي المغيرة تختلف إليه في أيام إمارته الكوفة، في خلافة معاوية في حوائجها فيقضيها لها.

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 12: 234. وروى القصة أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني 14: 145 وفيه: حدثني أحمد بن عبد العزيز الجوهري. تاريخ الطبري 4: 2 7. فتوح البلدان: 352. الكامل 2: 228. البداية والنهاية 7: 81. عمدة القارئ 6: 34. الغدير 6: 137. وفيات الأعيان 6: 364. إفحام الأعداء والخصوم 1: خ. سنن البيهقي 8: 235. وكانت الرقطاء هذه مغنية من أضرب الناس على آلات اللهو والطرب، وقال حسان بن ثابت يهجو المغيرة بن شعبة في هذه القصة: لو أن اللوم ينسب كان عبدا * قبيح الوجه أعود من ثقيف تركت الدين والإسلام لما * بدت لك غدوة ذات النصيف وراجعت الصبا وذكرت لهوا * من القينات والعمر اللطيف مات المغيرة بن شعبة بالكوفة سنة خمسين في خلافة معاوية وهو ابن سبعين سنة وكان رجلا طوالا أصيبت عينه يوم اليرموك. (*)

ص 97

 

 

القسم الثاني: فدك
 

ص 99

* حدثني أبو زيد عمر بن شبه، قال: حدثنا حيان بن بشر، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: أخبرنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يحقن دماءهم ويسيرهم، ففعل، فسمع ذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذلك، وكانت للنبي (صلى الله عليه وآله) خاصة لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب. وروى أحمد بن إسحاق أيضا، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لما فرغ من خيبر قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك، فبعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فصالحوه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطريق، أو بعد ما أقام بالمدينة، فقبل ذلك منهم، وكانت فدك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) خالصة له، لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب. وقد روي أنه صالحهم عليها كلها، الله أعلم أي الأمرين كان. قال: وكان مالك بن أنس، يحدث عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو ابن حزم، أنه صالحهم على النصف فلم يزل الأمر كذلك حتى أخرجهم

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 6: 21. الأموال: 9 عن يحيى بن سعيد. فدك: 3. فتوح البلدان: 36. (*)

ص 100

عمر بن الخطاب وأجلاهم، بعد أن عوضهم على النصف الذي كان لهم عوضا من إبل وغيرها. وقال غير مالك بن أنس: لما أجلاهم عمر بعث إليهم من يقوم الأموال، بعث أبا الهيثم بن التيهان، وفروة بن عمرو، وحباب بن صخر، وزيد بن ثابت، فقوموا أرض فدك ونخلها، فأخذها عمر ودفع إليهم قيمة النصف الذي لهم، وكان مبلغ ذلك خمسين ألف درهم، أعطاهم إياها من مال أتاه من العراق، وأجلاهم إلى الشام. حدثني محمد بن زكريا قال: حدثني جعفر بن محمد بن عمارة الكندي، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن صالح بن حي، قال: حدثني رجلان من بني هاشم، عن زينب بنت علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه، وحدثني عثمان بن عمران العجيفي، عن نائل بن نجيح بن عمير بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليه السلام). * وحدثني أحمد بن محمد بن يزيد، عن عبد الله بن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، قالوا جميعا: لما بلغ فاطمة (عليها السلام)، إجماع أبي بكر على منعها فدك، لاثت خمارها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها، تطأ في ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، حتى دخلت على أبي بكر وقد حشد الناس من المهاجرين والأنصار، فضرب بينها وبينهم ربطة بيضاء، وقال بعضهم: قبطية، وقالوا: قبطية بالكسر والضم، ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء، ثم مهلت وطويلا حتى سكنوا من فورتهم، ثم قالت: ابتدئ بحمد من هو أولى بالحمد والطول والمجد، الحمد لله على ما أنعم، وله الشكر بما ألهم، وذكر خطبة طويلة جيدة قالت في آخرها: فاتقوا الله حق تقاته، وأطيعوه فيما أمركم به، فإنما يخشى الله من عباده العلماء، واحمدوا الله الذي لعظمته ونوره يبتغي من في السموات

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 6: 21. معجم البلدان 4: 238. فدك: 31 فتوح البلدان: 36. (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

السقيفة وفدك

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب