السقيفة وفدك

الصفحة السابقة الصفحة التالية

السقيفة وفدك

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 26

4 - أبو القاسم الطبراني: أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير الطبراني اللخمي المتوفى 36. من كبار الحفاظ، رحل في طلب الحديث من الشام إلى العراق، والحجاز، واليمن، ومصر، وغيرها من الأمصار الإسلامية، وسمع الكثير وعدد شيوخه ألف شيخ، ويقال له مسند الدنيا، يروي عنه أبو نعيم الأصبهاني، وله مصنفات أشهرها المعاجم الثلاثة: الكبير، والأوسط، والصغير، الدعاء في مجلد كبير، دلائل النبوة، الأوائل، تفسير القرآن كبير. أخذ من طائفة كبيرة من العلماء وقرأ عليهم ومنهم الجوهري... فقد روى عنه وأخذ منه كما صرح بذلك في المعجم الصغير 1: 59. ولد بطبرية الشام سنة 26 ه‍ وسكن أصبهان إلى أن توفي بها سنة 36، ودفن بقرب حمة الدوسي الصحابي، وصلى عليه أبو نعيم صاحب حلية الأولياء، وكان له سنة وعشرة أشهر، وكان ثقة صدوقا، واسع الحفظ بصيرا بالعلل والرجال والأبواب، كثير التصانيف، وأول سماعه في سنة 273 بطبرية المنسوب إليها، ثم رحل إلى البلدان، وقال ابن ناصر الدين: هو مسند الآفاق ثقة له المعاجم الثلاثة المنسوبة إليه، وكان يقول عن الأوسط هو روحي لأنه تعب عليه. كتاب السقية وفدك: لم يحتفظ التاريخ لأبي بكر الجوهري البغدادي البصري، كتابا غير مؤلفه - السقيفة وفدك - وكأن التاريخ أهمل هذا العالم المحدث، مع وفور علمه وجهاده الفكري، وألقاه في زاوية الخمول والنسيان، فلم يتوجه نحوه أصحاب المعاجم، ولم يتقرب إلى حوزته رجال البحث والتحقيق، ولذلك

(هامش)

(1) الأعلام 3: 121 ط كبير. تاريخ بن عساكر 6: 24. تذكرة الحفاظ 3: 26. الغدير 1: 195. الكنى والألقاب 2: 443. النجوم الزاهرة 4: 59. وفيات الأعيان 1: 215. روضات الجنات 4: 79. إنباه الرواة 2: 21. بغية الوعاة: 6 1. تاريخ بغداد 9: 61. اللباب 1: 171. معجم الأدباء 4: 254. المنتظم 6: 145. الأنساب: 125. نزهة الألباء: 241. مناقب ابن شهرآشوب 1: 27. (*)

ص 27

لم نجد له في ثنايا المعاجم تراجم شافية ودراسات ضافية، ولعل كتابه هذا كان الباعث في خموله وخموده. ومهما يكن من أمر، فقد أهمله رجال الحديث والدراية، مع علمهم بوجوده وكونه من الرواة والمحدثين، فنجد مثلا ابن حجر العسقلاني... عندما يترجم في كتابه تهذيب التهذيب لواحد من شيوخ الجوهري، وهو أبو زيد عمر بن شبة المتوفى 262 ه‍ يذكر الرواة عنه فيقول: روى عنه... وأحمد بن عبد العزيز الجوهري... ولم يترجم له في حرف الألف من معجمه، ولا في الكنى والألقاب من كتابه. مع العلم أن أبا بكر الجوهري... كان في الرعيل الأول من طبقة المحدثين والرواة الذين أفرد لهم ابن حجر، وغيره في كتبهم تراجم وافية، وعقد لهم صفحات الثناء والتقدير، وقد سارت بذكره الركبان وكانت له حلقات حديث ودراية وأدب في الكوفة، والبصرة، وبغداد. وكان على شاكلته الحافظ أبي أحمد بن علي الخطيب البغدادي، المتوفى عام 463 ه‍ فلم يترجم له في تاريخه، مع ترجمته لتلميذ الجوهري أبي الفرج الأصفهاني علي بن الحسين صاحب الأغاني، ومطالعته لكتاب الأغاني، ومقاتل الطالبيين و... واعترافه بهذه التصانيف التي وقعت إليه، وفيهما الكثير من عبارات: حدثني أحمد بن عبد العزيز الجوهري... ومن هنا يحق لنا أن نطالب بالدقة والإتقان في البحث والتأليف في التأريخ، لأنها أولى مراحل التأليف، ودراسة حياة الرجال من أهم ركائز البحث... ولعل للخطيب البغدادي... وزميله ابن حجر... عذرا ورأيا محترما في عدم ذكرهم الجوهري: لعل لها عذرا وأنت تلوم وكم لائ قد لام وهو مليم إن التاريخ لم يعهد لأبي بكر... كتابا غير - السقيفة وفدك - وكان متداولا وموجودا وموضع المطالعة والمراجعة حتى القرن السابع الهجري،

(هامش)

(1) تهذيب التهذيب 7: 46. (1) تاريخ بغداد 11: 398. (*)

ص 28

إلا أنه فقد بعد هذا التاريخ، ولم نجد إشارة في الفهارس إليه وهذا ما اعترف وصرح به: أ - عز الدين عبد الحميد بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد المعتزلي المدائني، الأديب المؤرخ الحكيم الشاعر، شارح نهج البلاغة والمتوفى 655 ه‍، فقد كانت لديه نسخة من الكتاب، وأكثر النقل عنه فقال: وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، في السقيفة وفدك، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث، كثير الأدب، ثقة ورع أثنى عليه المحدثون، ورووا عنه. مصنفاته. وقال أيضا: وقد ذكرنا ما قاله الجوهري في هذا الباب، وهو من رجال الحديث ومن الثقات المأمونين. ب - بهاء الدين أبو الحسن علي بن فخر الدين عيسى بن أبي الفتح الأربلي البغدادي المتوفى 693 العالم الفاضل المحدث الثقة الشاعر الأديب المنشئ، جامع الفضائل والمحاسن، كان ذا ثروة وشوكة اشتغل بالتأليف والتصنيف والعبادة والرياضة، له كتب منها - كشف الغمة في معرفة الأئمة نقل في كتابه عن كتاب الجوهري فقال: وحيث انتهى بنا القول إلى هنا فلنذكر خطبة فاطمة (ع) فإنها من محاسن الخطب وبدايعها، عليها مسحة من نور النبوة، وفيها عبقة من أرج الرسالة، وقد أوردها المؤالف والمخالف، ونقلتها من كتاب السقيفة عن عمر بن شبة، تأليف أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها

(هامش)

(1) شرح ابن أبي الحديد 16: 21. (2) شرح ابن أبي الحديد 2: 6. (3) ترجمته في: الكنى والألقاب 2: 18. فوات الوفيات 2: 66. الوافي 12: 135. كشف الظنون: 1492، 1939. إيضاح المكنون 1: 18. الفوائد الرضوية 1: 314. هدية العافين 1: 47. روضات الجنات 4: 341. أمل الآمل 2: 195. تأسيس الشيعة: 13. الذريعة 18: 47. ريحانة الأدب 1: 125. الغدير 5: 446. (4) طبع في العراق وإيران ولبنان. (*)

ص 29

المذكور، قرأت عليه في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة (322 ه‍). وقال أيضا في كتابه: هذه الخطبة نقلتها من كتاب السقيفة، وكانت النسخة مع قدمها مغلوطة فحققتها من مواضع أخر. إن النصوص هذه إن دلت على شيء، فإنما تدل على وجود الكتاب إلى القرن السابع الهجري، كما حدثنا عنه ابن أبي الحديد، والإربلي... ولما كان الكتاب هذا تراثا فكريا إسلاميا، وسندا تأريخيا كثر النقل عنه بالواسطة لعدم وجوده، واعتمد على ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه. لذلك كانت في رغبة ملحة وبواعث جمة في إخراج وإفراز هذه النصوص، من شرح النهج، وجمعه وأخرجه في كتاب خاص. فقد سبرت شرح النهج في طبعته الجديدة من المجلد الأول إلى آخر مجلده ونقلت ما ذكره ابن أبي الحديد، عن كتاب السقيفة وفدك، مع الإشارة في الهامش إلى المجلد والصفحة، وترجمت لمشايخه وللرواة، وأدعمت أحاديثه بمصادر ومراجع أخرى، في الحديث والتاريخ، ومنحت كل رواية إشارة (*)، مع إفراز كل رواية من أختها إلى وضع فهارس فنية في آخره، وكان من توفيق الله وتسديده أن أخرج الكتاب بهذا النهج الذي تراه. ورتبت الكتاب على قسمين: - القسم الأول: السقيفة... وأودعت فيه الأحاديث والقضايا المتعلقة بالسقيفة، وما حدث فيها من الأحداث. - القسم الثاني: فدك... وجعلت فيه الأمور والمسائل التي تخص فدك، وما جرى من العوامل والبواعث، والاحتجاجات والمناشدة به... وخطبة الصديقة الطاهرة... سلام الله وتحياته ورحمته وبركاته على روحها

(هامش)

(1) كشف الغمة 1: 492، 479 ط إيران. (2) طبع القاهرة سنة 1378 تحقيق السيد محمد أبو الفضل إبراهيم. (*)

ص 30

وجسدها واسمها وقبرها... وحين وقف على عملي هذا بعض العاملين في حقل التاريخ والتحقيق، قابلوني بالتشجيع والتقدير، وحفزوني على إنهائه وإتمامه لافتقار المكتبة العربية إليه. إن الكتاب هذا وإن لم يكن بكامل كتاب - السقيفة وفدك - وبتمامه، إلا أنه جزء منه، والذي حفظه لنا ابن أبي الحديد، وسجله على صفحاته كتابه القيم - شرح نهج البلاغة - ولعل التاريخ يكشف القناع في المستقبل عن وجود نسخة منه، وليس ذلك على الله بعزيز. فالشكر لله سبحانه على منحه التوفيق... وله الحمد والمنة على ما أسداه من العناية، ولله شأنه الحمد أولا وآخرا. مصادر ترجمة الجوهري: لم تكن لأبي بكر الجوهري... في المعاجم ترجمة ضافية، ولا لمحة عن حياته، ولا إشارة إلى تاريخه، لذلك كانت حياته غامضة، وأحواله مبهمة لم يكشف التاريخ عنها القناع بصورة باتة، بيد أننا نجد في بعض المعاجم، إشارة عابرة إليه والاكتفاء بذكر اسمه وتأليفه، مع اليقين أنه كان في الرعيل الأول من الذين احترمتهم الخاصة والعامة، وأذعنت لحيويته العلمية الشيعة والسنة، ونقل الرواة عنه الكثير من القضايا، بحيث ابتنوا على ثقافته، مؤلفاتهم في الحديث والأدب. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الغموض اكتنف حياة هذا العليم منذ بداية حياته، ولم يبق لنا غير كلمات عن حياته، كما أشار إليها ابن أبي الحديد من أنه عالم محدث كثير الأدب، ثقة ورع، أثنى عليه المحدثون، ورووا عنه مصنفاته. ومهما يكن من أمر، فالثبت الفهرسي التالي يضم بعض المراجع التي اقتصرت على ذكر اسمه، ونقلت عن مؤلفاته الأحاديث والأخبار، وهو مرتب حسب الحروف:

(هامش)

(1) شرح النهج 16: 21. (*)

ص 31

أعيان الشيعة السيد محسن الأمين العاملي 9: 3 ط صيدا الأغاني أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني 1: 17 ط بولاق الأوراق أبو بكر محمد بن يحيى الصولي: 64 ط لبنان 1979 تنقيح المقال الشيخ عبد الله المامقاني 1: 64 تهذيب التهذيب ابن حجر العسقلاني 7: 46 ط حيدر آباد جامع الرواة الميرزا محمد علي الأردبيلي 1: 52 جلاء العيون السيد عبد الله شبر 1: 2 2 ط النجف جنة العاصمة السيد حسن مير جهاني الأصفهاني: 266 ط إيران حقيقة جاويدان الشيخ محمد باقر ملبوني: 53 دستور معالم الحكم القاضي محمد بن سلامة: 199 راهنماي دانشوران السيد علي أكبر البرقعي 1: 179 ط قم روضات الجنات السيد محمد باقر الخوانساري الذريعة الشيخ آغا بزرك الطهراني 12: 2 6 شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد المعتزلي 16: 21 ط القاهرة شرح ما يقع فيه التصحيف أبو أحمد الحسن بن عبد الله العسكري: 457 الصراط المستقيم البياضي الشيخ زين الدين 3: 7 طبقات أعلام الشيعة الشيخ آغا بزرك: 28 نوابغ الرواة الغدير الشيخ عبد الحسين الأميني 8: 3 1 فدك السيد محمد حسين القزويني: 146 الفهرست الشيخ الطوسي: 3

ص 32

قاموس الرجال الشيخ محمد تقي التستري 1: 355 ط إيران كشف الغمة أبو الفتح الإربلي 1: 479 - 492 ط النجف الكنى والألقاب الشيخ عباس القمي 2 / 163 المجالس السنية السيد الأمين 2: 94 معالم العلماء رشد الدين ابن شهرآشوب: 18 ط إيران معجم رجال الحديث السيد أبو القاسم الخوئي 2 / 134 المعجم الصغير أبو القاسم الطبراني 1: 59 مقاتل الطالبيين أبو الفرج الأصفهاني: 171، 188، 189، 19، 191 ملكه إسلام الشيخ خليل كمره أي: لغته فارسية الموشح أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني: 641 ط مصر الفهرست النص والاجتهاد السيد عبد الحسين شرف الدين: 1 6 ط 1386 هدية الأحباب الشيخ عباس القمي: 35 ط النجف عقيدة الجوهري: ما يتركه العالم والأديب، على صفحة الوجود من أثر فكري وجهود علمي نثرا أو شعرا، فإنه ترجمان عن اتجاهاته الدينية، والاجتماعية، والسياسية، لأن العالم أو الأديب أو الناثر والشاعر، يعكس معتقداته وأحاسيسه في أثره، والتأليف مرآة صافية تعبر عما نحن بصدد التحدث فيه، وبالكتاب نقف على ما في أعماق قلب مؤلفه من خواطر، وعقائد ومبادئ، وما هو عليه منها، وعلى ضوء هذا المعيار الفكري، نتوصل إلى عقيدة الجوهري... المبثوثة في خلال سطور كتابه - السقيفة وفدك - والمشعشعة على صفحات تأليفه.

ص 33

إن أبا بكر الجوهري... جمع في كتابه أحاديث وروايات مخالفة للشيعة الإمامية... ومتباينة لمعتقداتها الإسلامية الصريحة الواضحة... ومتضادة لسيرتها النبوية المركزة... دون أن يتناول الحديث أو الرواية بالنقاش والرد، كما ستطالعها في الكتاب، فهو إذن من علماء السنة ولا شك في ذلك، بالإضافة ومع العلم إلى أن ذكر حديث أو أخبار موافقة لمفاهيم الشيعة، لم يكن دليلا على تشيع الرجل. هذا ولدينا مصادر تثبت عدم تشيعه ومخالفته له، كما أن مشايخه الذين تلقف عنهم الحديث والعلم والأدب ليس فيهم من عرف بالتشيع، أو كان شيعيا حتى يظهر أثره في نفس الجوهري بوضوح، على أني تصفحت جميع المواضيع الخاصة به، من جميع وجوهها فلم أجد للتشيع أي أثر فيه أو مجال ضيق يمكن به نسبته إليه... ولذلك يمكن القول أن لا شك ولا تردد من كونه مخالفا للشيعة كما صرحت به النصوص التاريخية. ومنها: أ - ابن أبي الحديد، فقد جعل كتاب الجوهري - السقيفة وفدك - من أمهات مصادر كتابه - شرح نهج البلاغة - ونقل الكثير من تأليفه، مع أنه قال في مقدمة شرحه في الفصل الأول من - فدك -: الفصل الأول، فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم، لا من كتب الشيعة ورجالهم، لأنا مشترطون على أنفسنا ألا نحفل بذلك، وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، في السقيفة وفدك، وما وقع من الاختلاف والاضطراب، عقب وفاة النبي صلى الله علية وآله، وأبو بكر الجوهري هذا عالم محدث كثير الأدب، ثقة ورع، أثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته. ب - أبو الحسن علي بن عيسى الأربلي البغدادي المتوفى 693 ه‍، فهو أيضا نقل خطبة فاطمة الزهراء (ع) من كتاب

(هامش)

(1) شرح ابن أبي الحديد 16: 21. (*)

ص 34

الجوهري... وقال قبل ذكره الخطبة: وقد أوردها المؤالف والمخالف ونقلتها من كتاب السقيفة عن عمر بن شبة، تأليف أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري من نسخة قديمة مقروءة على مؤلفها المذكور، وقرأت عليه في ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة روى عن رجاله من عدة طرق. ج - السيد عبد الله بن محمد رضا بن محمد بن أحمد بن علي الشبر الحسيني المتوفى 1242 هجري، قال في كتابه: وروى عن العامة والخاصة بأسانيد عديدة عنها (ع) أنها خطبت هذه الخطبة العظيمة في ملأ منن المهاجرين والأنصار وغيرهم، رواها من العامة أحمد بن عبد العزيز الجوهري، وابن أبي الحديد وغيرهما. د - الشيخ عبد الله بن الشيخ حسن بن المولى عبد الله المامقاني المتوفى 1351 ه‍، قال: بل ظاهر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة كون الرجل عاميا، وكون كتابه في السقيفة نافعا لهم، قال في الكلام على فدك في الفصل الأول فيما ورد من الأخبار والسير المنقولة من أفواه أهل الحديث وكتبهم، لا من كتب الشيعة ورجالهم لأنا مشترطون على أنفسنا أن لا نحفل بذلك وجميع ما نورده في هذا الفصل من كتاب أبي بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري، وهو عالم محدث كثير الأدب ثقة ورع أثنى عليه المحدثون ورووا عنه مصنفاته، انتهى، فإنه صريح في أنه من ثقاة المخالفين وعلمائهم. فهذه الكلمات صريحة على أن الجوهري، من علماء العامة وثقاتهم وفي المعاجم الكثير من أمثال هذه العبارات، بيد أن بعضا من أصحاب التراجم والتاريخ نسبه إلى التشيع وذلك لعدم وقوفه على كتاب - السقيفة - وأول من التبس عليه الأمر وظنه من الشيعة ورجالهم، شيخ

(هامش)

(1) كشف الغمة 1: 48. (2) جلاء العيون 1: 2 2. (3) تنقيح المقال 1: 64. (*)

ص 35

الطائفة الطوسي محمد بن الحسن بن علي المتوفى 46 ه‍ رضي الله تعالى عنه... فقد ذكر في فهرسته الذي جمع فيه جماعة من شيوخ الشيعة من أصحاب الحديث، وما صنفوه من التصانيف ورووه من الأصول فقال: أحمد بن عبد العزيز الجوهري له كتاب السقيفة. ثم تبعه رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي البغدادي الحلبي المتوفى 588 ه‍ فذكره في فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنفين منهم قديما وحديثا، فقال: أحمد بن عبد العزيز الجوهري له السقيفة. واعتمد الآخرون على ما جاء في المصدرين السالفين - الفهرست، ومعالم العلماء - وحسبوه شيعيا من دون الوقوف على كتابه ومطالعته والغريب أن بعضا من المؤلفين مع تردده وشكه في عقيدته، يفرد له ترجمة خاصة في كتابه ويجعله من أعيان الشيعة، أو من طبقات أعلام الشيعة في القرن الرابع الهجري، وأنا لا أستطيع اتخاذ ما ذكره الشيخ الطوسي رحمة الله وبركاته عليه... وتفرده به نصا ودليلا على تشيعه، مع وجود كتابه الناطق على عكس ما ذهب إليه الشيخ الطوسي. هذا ما توخيت بيانه للحق، وتبيانه للحقيقة وما انتهى إليه علمي القاصر الضعيف... باختصار ولو قصدنا التفصيل لطال المقام والمقال... وفاة الجوهري: أسلفنا القول أن لم تكن في المعاجم ترجمة لأبي بكر الجوهري. فحياته مجهولة تكتنفها الغموض والجهل، حتى عام وفاته إلا أنه يعتبر من الذين عاشوا في القرني الثالث، والرابع الهجريين، غير أن أبا بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن العباس بن محمد بن صول تكين الطولي

(هامش)

(1) فهرست الشيخ: 3. (2) معالم العلماء: 18. (*)

ص 36

الشطرنجي الكاتب المعروف والمتوفى بالبصرة سنة 335 / 336 قال: وفيها - أي سنة 323 - توفي أحمد بن عبد العزيز الجوهري، صاحب عمر بن شبة بالبصرة، لخمس بقين من شهر ربيع الآخر. هذا والذي ينبغي الإشارة إليه في نهاية الحديث أن أبا بكر الجوهري... دخل ميدان الأدب والحديث والتفسير عناية وحرصا منه على صيانة التراث الفكري الإسلامي... منذ شبابه ومنذ الوقت الذي كان يتدرج على طريق العلم بين البصرة، وبغداد، ونجد هذه العناية والاهتمامات منه وضاحة أشد الوضوح في تصانيفه التي أشير إليها، وظلت ماثلة على صفحات المراجع العلمية والأدبية. والله أسأل أن يرزقني التوفيق والإخلاص، والسداد في القول والعمل والفكر... وأن يتقبل هذا الجهد لوجهه خالصا... فمنه ألتمس الجزاء فيما قصدت... وسبحانه الهادي... والموفق... وعليه توكلت وإليه أنيب...

 شوال سنة 141

أبو علي محمد هادي الأميني عفى الله عنه وعن والديه

(هامش)

(1) الأوراق - أخبار الراضي -: 64. (*)

ص 37

 

 

القسم الأول: السقيفة
 

ص 39

* عن عمر بن شبة، عن محمد بن منصور، عن جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، قال: كان النبي (ص)، قد بعث أبا سفيان ساعيا، فرجع من سعايته، وقد مات رسول الله (ص)، فلقيه قوم فسألهم، فقالوا: مات رسول الله (ص)، فقال: من ولي بعده؟ قيل: أبو بكر، قال: أبو فضيل؟ قالوا: نعم، قال: فما فعل المستضعفان: علي، والعباس، أما والذي نفسي بيده لأرفعن لهما من أعضادهما. قال أبو بكر، وذكر الراوي وهو جعفر بن سليمان: أن أبا سفيان قال: شيئا آخر لم تحفظه الرواة، فلما قدم المدينة قال: إني لأي عجاجة لا يطفئها إلا الدم، فقال: فكلم عمر، أبا بكر فقال: إن أبا سفيان قد قدم وإنا لا نأمن شره، فدفع له ما في يده فتركته ورضى. وروى أن أبا سفيان قال: لما بويع عثمان، كان هذا الأمر في تيم، وأنى لتيم هذا الأمر، ثم صار إلى عدي فأبعد وأبعد، ثم رجعت إلى منازلها واستقر الأمر قراره، فتلقفوها تلقف الكرة.

(هامش)

(1) الصحيح أحمد بن منصور الرمادي، ومرت ترجمته. (2) ابن أبي الحديد 2: 44. تاريخ الطبري 3: 2 2 عن هشام عن عوانه. الكامل 2: 325. (3) أبو سفيان هو ابن الحارث بن عبد المطلب بن هشام الهاشمي ابن عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخوه من الرضاعة. أرضعتها الحليمة السعدية. أمه المغيرة وقيل اسمه كنيته والمغيرة أخوه، وكان ممن يؤذي الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ويهجوه ويؤذي المسلمين - الإصابة 4: 9. (*)

ص 40

* وحدثني المغيرة محمد المهلبي قال: ذاكرت إسماعيل بن إسحاق القاضي، عند الحديث وأن أبا سفيان قال لعثمان: بأبي أنت أنفق ولا تكن كأبي حجر، وتداولوها يا بني أمية تداول الولدان الكرة، فوالله ما من جنة، ولا نار، وكان الزبير حاضرا فقال عثمان لأبي سفيان: أعزب، فقال: يا بني أها هنا أحد؟ قال الزبير: نعم والله لأكتمها عليك، قال فقال إسماعيل: هذا باطل، قلت: وكيف ذلك؟ قال: ما أنكر هذا من أبي سفيان، ولكن أنكر أن يكون سمعه عثمان ولم يضرب عنقه. * وجاء أبو سفيان إلى علي (عليه السلام)، فقال: وليتم على هذا الأمر أذل بيت قريش، أما والله لئن شئت لأملأنها على أبي فضيل خيلا ورجلا، فقال علي (عليه السلام): طالما غششت الإسلام وأهله، فما ضررتهم شيئا، لا حاجة لنا إلى خيلك ورجلك، لولا إنا رأينا أبا بكر لها أهلا لما تركناه. * ولما بويع لأبي بكر، كان الزبير، والمقداد، يختلفان في جماعة من الناس إلى علي، وهو في بيت فاطمة، فيتشاورون ويتراجعون أمورهم، فخرج عمر حتى دخل على فاطمة (عليها السلام)، وقال: يا بنت رسول الله تأمني أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك، وما من أحد أحب إلينا منك بعد أبيك، وأيم الله ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بتحريق البيت عليهم، فلما خرج عمر جاءوها فقالت: تعلمون أن عمر جاءني وحلف لي بالله إن عدتم ليحرقن عليكم البيت، وأيم الله ليمضين لما حلف له، فانصرفوا عنا راشدين، فلم يرجعوا إلى بيتها وذهبوا فبايعوا لأبي بكر.

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 3: 44. (2) ابن أبي الحديد 2: 45. تاريخ الطبري 3: 2 2 عن محمد بن عثمان بن صفوان الثقفي، عن ابن قتيبة، عن مالك بن مغول، عن ابن الحجر. والحديث ليس بصحيح سنده محمد بن عثمان بن صفوان، ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 3: 641، وقال: قال أبو حاتم، منكر الحديث. (3) ابن أبي الحديد 2: 45. تاريخ الطبري 3: 198 عن زياد بن كليب أبو معشر التميمي = (*)

ص 41

* عن عبد الرحمن بن عوف، قال: دخلت على أبي بكر، أعوده في مرضه الذي مات فيه فسلمت عليه وسألته كيف به فاستوى جالسا، فقلت:

(هامش)

= الكوفي مات سنة 12، قال حاتم: ليس بالمتين في حفظه، تهذيب التهذيب 3: 382. ميزان الاعتدال 2: 92. لم يبايع أمير المؤمنين علي (عليه السلام) طول حياته، ولم يتمكن أحد من إرغامه على البيعة لأنه (عليه السلام) كان بنص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى من غيره، ولأن الإمامة والخلافة كانت ثابتة فيه، وكيف يبايع وهو على يقين صادق، واعتقاد راسخ من أن الصحابة، وعلى يقين من أن محل علي (عليه السلام) منها محل القطب من الرحى، ينحدر عنه السيل ولا يرقى إليه الطير، فسدل دونها ثوبا، وطوى عنها كشحا، وطفق يرتأي بين أن يصول بيد جذاء، أو يصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه، فرأى أن الصبر على هاتا أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى كيف يبايع أبو الحسن (عليه السلام) وهو يقول بصراحة وشهامة لأبي بكر: أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي. ولو فرضنا بيعته لأبي بكر فمعناها أنه (عليه السلام) صادق ووافق على إمامة أبي بكر، فما معنى هذه الخطب والمناشدات والاحتجاجات التي صدرت منه (عليه السلام) خلال حكومة أبي بكر، وعمر، وعثمان في عدة مناسبات ومشاهدات، ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا - النساء: 115. ولشيخ الطائفة الشيخ المفيد محمد البغدادي، حديث في الدلالة على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يبايع أبا بكر، فقد قال رضي الله عنه: قد أجمعت الأمة على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) تأخر عن بيعة أبي بكر فالمقلل يقول تأخره ثلاثة أيام، ومنهم من يقول: تأخر حتى ماتت فاطمة (عليها السلام)، ثم بايع بعد موتها، ومنهم من يقول تأخر أربعين يوما، ومنهم من يقول: تأخر ستة أشهر، والمحققون من أهل الإمامة يقولون لم يبايع ساعة قط فقد حصل الإجماع على تأخره عن البيعة، ثم اختلفوا في بيعته بعد ذلك على ما قدمناه به الشرح. فمما يدل على أنه لم يبايع البتة أنه ليس يخلو تأخره من أن يكون هدى، وتركه ضلالا، أو يكون ضلالا وتركه هدى وصوابا، أو يكون صوابا وتركه صوابا، أو يكون خطأ وتركه خطأ، فلو كان التأخر ضلالا وباطلا لكان أمير المؤمنين (عليه السلام) قد ضل بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بترك الهدى الذي كان يجب المصير إليه وقد أجمعت الأمة على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يقع منه ضلال بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا في طول زمان أبي بكر، وأيام عمر، وعثمان وصدرا من أيامه، حتى خالفت الخوارج عند التحكيم وفارقت الأمة، وبطل أن يكون تأخره عن بيعة أبي بكر ضلالا، وإن كان تأخره هدى وصوابا وتركه خطأ وضلالا، فليس يجوز أن يعدل عن الصواب إلى = (*)

ص 42

لقد أصبح بحمد الله بارئا، فقال: أما إني على ما ترى لوجع، وجعلتم لي معشر المهاجرين شغلا على وجعي، وجعلت لكم عهدا مني من بعدي، واخترت لكم خيركم في نفسي، فكلكم ورم لذلك أنفه، رجاء أن يكون الأمر له، ورأيتم الدنيا قد أقبلت، والله لتتخذن ستور الحرير، ونضائد الديباج، وقائلون ضجائع الصوف الأذربي كأن أحدكم على حسك السعدان، والله لئن يقدم أحدكم فتضرب عنقه في غير حد لخير له من أن يسبح في غمرة الدنيا، وأنكم غدا لأولى ضال بالناس يجورون عن الطريق يمينا وشمالا، يا هاوي الطريق جرت، إنما هو البجر أو الفجر، فقال له عبد الرحمن: لا تكثر على ما بك فيهيضك، والله ما أردت إلا خيرا، وأن صاحبك لذو خير، وما الناس إلا رجلان، رجل رأى ما رأيت، فلا خلاف عليك منه، ورجل رأى غير ذلك وأنما يشير عليك برأيه، فسكن وسكت هنيهة، فقال عبد الرحمن: ما أرى بك بأسا والحمد لله، فلا بأس على

(هامش)

= الخطأ ولا عن الهدى إلى الضلال، سيما والإجماع واع على أنه لم يظهر منه ضلال في أيام الثلاثة الذين تقدموا عليه، ومحال أن يكون التأخر خطأ وتركه خطأ للإجماع على بطلان ذلك أيضا ولما يوجبه القياس من فساد هذا المقال. وليس يصح أن يكون صوابا، لأن الحق لا يكون في جهتين مختلفتين، ولا على وصفين متضادين ولأن القوم المخالفين لنا في هذه المسألة مجمعون على أنه لم يك إشكال في جواز الاختيار، وصحة إمامة أبي بكر، وإنما الناس بين قائلين، قائل من الشيعة يقول: إن إمامة أبا بكر كانت فاسدة فلا يصح القول بها أبدا، وقائل من الناصبة يقول إنها كان صحيحة، ولم يكن على أحد ريب في صوابها إذ جهة استحقاق الإمامة هو ظاهر العدالة والنسب والعلم والقدرة على القيام بالأمور، ولم تكن هذه الأمور تلتبس على أحد في أبي بكر عندهم وعلى ما يذهبون إليه فلا يصح مع ذلك أن يكون المتأخر عن بيعته مصيبا أبدا، لأنه لا يكون متأخرا لفقد الدليل بل لا يكون متأخرا لشبهة، وإنما يتأخر إذا ثبت أنه تأخر للعناد فثبت بما بيناه أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يبايع أبا بكر على شيء من الوجوه كما ذكرناه وقدمناه، وقد كانت الناصبة غافلة عن هذا الاستخراج في موافقتها على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) تأخر عن البيعة وقتا ما، ولو فطنت له لسبقت بالخلاف فيه عن الإجماع وما أبعد أنهم سيرتكبون ذلك إذا وقفوا على هذا الكلام غير أن الإجماع السابق لمرتكب ذلك بحجه ويسقط قوله فيهون قصته ولا يحتاجه معه إلى الإكثار - الفصول المختارة: 31 -. (1) هاضه: نكسه، هيجه، قتره. (*)

ص 43

الدنيا، فوالله ما علمناك إلا صالحا مصلحا، فقال: أما إني لا آسي إلا على ثلاث فعلتهن، وددت أني لم أفعلهن، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهم، وثلاث وددت أني سألت رسوله الله (صلى الله عليه وآله) عنهن. فأما الثلاث التي فعلتهن، ووددت أني لم أكن فعلتها، فوددت أني لم أكن كشفت عن بيت فاطمة، وتركته ولو أغلق على حرب، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين، عمر، أو أبو عبيدة، فكان أميرا، وكنت وزيرا، ووددت أني إذا أثبت بالفجاءة لم أكن أحرقته، وكنت قتلته بالحديد أو أطلقته. وأما الثلاث التي تركتها، ووددت أني فعلتها، فوددت أني يوم أتيت بالأشعث، كنت ضربت عنقه، فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه، ووددت أني حيث وجهت خالدا إلى أهل الردة، أقمت بذي القصة، فإن ظفر المسلمون وإلا كتن ردءا لهم، ووددت حيث وجهت خالدا إلى الشام، كنت وجهت عمر إلى العراق، فأكون قد بسطت كلتا يدي، اليمين، والشمال، في سبيل الله. وأما الثلاث اللواتي وددت أني كنت سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنهن، فوددت أني سألته هذا الأمر فكنا لا ننازعه أهله، وددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر نصيب، وددت أني سألته عن ميراث العمة، وابنة الأخت، فإن في نفسي منهما حاجة.

 * * * *

 عن أبي المنذر، هشام بن محمد بن السائب عن أبيه، عن أبي

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 2: 45 - 47. الأموال: 131. تاريخ الطبري 4: 52. الإمامة والسياسة 1: 23. مروج الذهب 1: 414. العقد الفريد 2: 254. الغدير 7: 17. مثالب النواصب 1: خ. (2) أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب بن بشر الكلبي مات 2 4 / 2 6 محدث، نسابة، مؤرخ من أهل الكوفة، قد بغداد وحدث بها حفظ القرآن في ثلاثة أيام، وروى عنه ابنه العباس، وخليفة بن الخياط، وشباب العصفري، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، ومحمد بن أبي السرى، وأبو الأشعث أحمد بن محمد المقدام وغيرهم، له مؤلفات عدة = (*)

ص 44

صالح، عن ابن عباس قال: كان بين العباس، وعلي مباعدة، فلقي ابن عباس، عليا فقال: إن كان لك في النظر إلى عمك حاجة فأته، وما أراك تلقاه بعدها فوجم لها، وقال: تقدمني واستأذن، فتقدمته واستأذنت له، فأذن فدخل، فاعتنق كل واحد منهما صاحبه، وأقبل علي (عليه السلام) على يده ورجله يقبلهما ويقول يا عم: ارض عني رضي الله عنك. قال: قد رضيت عنك. ثم قال: يا ابن أخي قد أشرت عليك بأشياء ثلاثة، فلن تقبل، ورأيت في عاقبتهما ما كرهت، وهأنذا أشير عليك برأي رابع فإن قبلته، وإلا نالك ما نالك مما كان قبله، قال: وما ذاك يا عم، قال: أشرت عليك في مرض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أن تسأله فإن كان الأمر فينا أعطاناه، وإن كان في غيرنا أوصى بنا، فقلت: أخشى إن منعناه لا يعطينا أحد بعده. فمضت تلك، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أتانا أبو سفيان بن حرب تلك الساعة فدعوناك إلى أن نبايعك، وقلت لك: أبسط يدك أبايعك، ويبايعك هذا الشيخ، فإنا إن بايعناك لم يختلف عليك أحد من بني عبد مناف، وإذا بايعك بنو عبد مناف لم يختلف عليك أحد من قريش، وإذا بايعتك قريش لم يختلف عليك أحد من العرب، فقلت: لنا بجهاز رسول الله (صلى الله عليه وآله)، شغل وهذا الأمر، فليس نخشى عليه فلم نلبث أن سمعنا التكبير من سقيفة بني ساعدة. فقلت: يا عم ما هذا قلت: وما دعوناك إليه فأبيت، قلت: سبحان الله أو يكون هذا؟ قلت: نعم، قلت: أفلا يرد، قلت لك وهل رد مثل هذا قط. ثم أشرت عليك حين طعن عمر، فقلت، لا تدخل نفسك في الشورى، فإنك إن اعتزلتهم قدموك، وإن ساويتهم تقدموك فدخلت معهم فكان ما رأيت. ثم الآن أشير عيك برأي رابع، فإن قبلته وإلا نالك ما نالك مما كان قبله، إني أرى هذا الرجل - عثمان - قد أخذ في أمور، والله لكأني بالعرب

(هامش)

= مطبوعة. تاريخ بغداد 14: 45. معجم الأدباء 19: 287. لسان الميزان 6: 196. النجاشي: 3 5. مرآة الجنان 2: 29. مصفى المقال: 493. منهج المقال: 367. (*)

ص 45

قد سارت إليه حتى ينحر في بيته كما ينحر الجمل، والله إن كان ذلك وأنت بالمدينة ألزمك الناس به، وإذ كان ذلك لم تنل من الأمر شيئا إلا من بعد شر لا خير معه. عن حباب بن يزيد، عن جرير بن المغيرة، أن سلمان، والزبير، والأنصار، كان هواهم أن يبايعوا عليا (عليه السلام)، بعد النبي (صلى الله عليه وآله). فلما بويع أبو بكر، قال سلمان: أصبتم الخبرة وأخطأتم المعدن. * وأخبرنا أبو زيد بن شبة قال: حدثنا علي بن أبي هاشم، قال: حدثنا عمر بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: قال سلمان يومئذ:

(هامش)

ابن أبي الحديد 2: 48. والحديث لا يعتد عليه لأن في سنده أبو النضر محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن عبد الحارث بن عبد العزى الكلبي المتوفى 146، فقد قال عنه معتمر بن سليمان عن أبيه كان بالكوفة كذا بأن أحدهما الكلبي، وقال الدوري: ليس بشيء، وقال معاوية بن صالح، عن يحيى: ضعيف، وقال أبو عاصم زعم لي سفيان الثوري، قال: قال الكلبي: ما حدثت عن أبي صالح عن ابن عباس فهو كذب فلا ترووه، وقال الأصمعي: عن قرة بن خالد، كانوا يرون أن الكلبي يزرف يعني يكذب، وقال يزيد بن هارون: كبر الكلبي وغلب عليه النسيان، وقال أبو حاتم: الناس مجمعون على ترك حديثه، هو ذاهب الحديث لا يشتغل به، وقال النسائي: ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وقال علي بن الجنيد، والحاكم أبو أحمد، والدارقطني: متروك. وقال الجوزجاني: كذاب ساقط، وقال ابن حبان: وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه، روى عن أبي صالح التفسير، وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس لا يحل الاحتجاج به، وقال الساجي: متروك الحديث، وقال الحاكم أبو عبد الله: روي عن أبي صالح أحاديث موضوعة. تهذيب التهذيب 9: 178. ميزان الاعتدال 3: 556. (2) ابن أبي الحديد 2: 49. (*)

ص 46

أصبتم ذا السن منكم، وأخطأتم أهل بيت نبيكم، لو جعلتموها فيهم ما اختلف عليكم اثنان، ولأكلتموها رغدا. * وأخبرنا عمر بن شبة قال: حدثني محمد بن يحيى، قال: حدثنا غسان بن عبد الحميد، قال: لما أكثر الناس في تخلف علي (عليه السلام)، عن بيعة أبي بكر، واشتد أبو بكر، وعمر عليه في ذلك، خرجت أم مسطح بن أثاثة، فوقفت عند القبر وقالت: كانت أمور وأبناء وهنبئة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها واختل قومك فاشهدهم ولا تغب * أخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة، وغضب علي، والزبير، فدخلا بيت فاطمة (عليها السلام) معهما السلاح، فجاء عمر في عصابة، منهم أسيد بن خصير، وسلمة بن سلامة بن وقش، وهما من بني عبد الأشهل، فصاحت فاطمة (عليها السلام) وناشدتهم الله، فأخذوا سيفي علي، والزبير، فضربوا بهما الجدار حتى كسروهما، ثم أخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا، ثم قام أبو بكر فخطب الناس واعتذر إليهم، وقال: إن بيعتي كانت فلتة وقى الله

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 2: 49. (2) أم مسطح، واسمه عوف بن أثاثة بن عباد بن المطلب، وهي بنت أبي دهم بن المطلب بن عبد مناف. وأمها رائطة بنت صخر بن عامر بن كعب. خالة أبي بكر. أسد الغابة 4: 355. (3) ابن أبي الحديد 3: 49. طبقات ابن سعد 8: 228. الغدير 7: 79، وقد يعزى البيتان مع أبيات أخرى إلى الصديقة فاطمة سلام الله عليها، وتمامها هكذا: وكل أصل له قربى ومنزلة * عند الإله على الأذنين مقترب أبدت رجال لنا نجوى صدورهم * لما مضيت وحالت دونك الترب تجهمتنا رجال واستخف بنا لما * فقدت وكل الأرض مغتصب وكنت بدرا ونورا يستضاء به * عليك ينزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يؤنسنا * فقد فقدت وكل الخير محتجب فليت قبلك كان الموت صادفنا * لما مضيت وحالت دونك الكتب قال الراوي: فما رأينا يوما أكثر باكية من ذلك اليوم. (*)

ص 47

شرها، وخشيت الفتنة، وأيم الله ما حرصت عليها يوما قط، ولقد قلدت أمرا عظيما ما لي به طاقة ولا يدان، ولوددت أن أقوى الناس عليه مكاني، وجعل يعتذر إليهم، فقبل المهاجرون عذره... وقال علي، والزبير: ما غضبنا إلا في المشورة، وإنا لنرى أبا بكر أحق الناس بها، إنه لصاحب الغار، وإنا لنعرف له سنة، ولقد أمره رسول الله (صلى الله عليه آله)، بالصلاة بالناس وهو حي. وروي أن ثابت بن قيس بن شماس، كان مع الجماعة الذين حضروا مع عمر، في بيت فاطمة (عليها السلام)، وثابت هذا أخو بني الحارث بن الخزرج.

(هامش)

(1) إذا كانت الصلاة بالناس في حياة النبي الأقدس (صلى الله عليه وآله وسلم) دليلا على إمامة الرجل ونصا على خلافته، وتفضيلا له على سائر الصحابة، فإن بين الصحابة الكثير من الذين أمرهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصلاة بالناس مع ما كان عليه الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصحة والاستقامة والحيوية، وتلزمهم دعوى الإمامة والخلافة، غير أنهم لم يحسبوها دليلا وطريقا إليهم ومنهم على سبيل المثال: عبد الرحمن بن عوف المتوفى 31 / 32 فقد صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خلفه في سفرة سافرها. الإصابة 2: 416. أسد الغابة 3: 316. تهذيب التهذيب 6: 245، وفيه: صلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وراءه في غزوة. الإستيعاب 2: 395. عمرو بن أم مكتوم القرشي، ويقال اسمه عبد الله وعمرو وهو ابن قيس بن رائدة بن الأصم قتل في معركة القادسية، وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يستخلفه على المدينة في عامة غزواته يصلي بالناس. الإصابة 2: 523. أسد الغابة 4: 126. الإستيعاب 2: 5 2 وفيه: استخلفه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة ثلاث عشر مرة. أبو رهم كلثوم بن حصين بن خالد بن العسعس الغفاري... استخلفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة في غزوة الفتح. الإصابة 4: 71. تهذيب التهذيب 8: 443. أسد الغابة 4: 25. الإستيعاب 3: 316. ومنهم أيضا ابن عبد المنذر فقد خلفه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على المدينة في غزوة بدر ليصلي بالناس، واستخلف (صلى الله عليه وآله وسلم) في غزوة خيبر للصلاة بالناس أبي ذر الغفاري، وكذلك في غزوة الحديبية أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ابن عرفطة، وفي غزوة ذات السلاسل استخلف (صلى الله عليه وآله وسلم) سعد بن عبادة إلى غيرهم من الصحابة. (*)

ص 48

* وروي أن محمد بن سلمة كان معهم، وإن محمدا هو الذي كسر سيف الزبير. * حدثني يعقوب بن شبة، عن أحمد بن أيوب، عن إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الله بن عباس، قال: خرج علي (عليه السلام) على الناس من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)، في مرضه فقال له الناس: كيف أصبح رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يا أبا الحسن؟ قال: أصبح بحمد الله بارئا، قال: فأخذ العباس بيد علي ثم قال: يا علي أنت عبد العصا بعد ثلاث أحلف لقد رأيت الموت في وجهه، وأني لأعرف الموت في وجوه بني عبد المطلب، فانطلق إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فاذكر له هذا الأمر إن كان فينا أعلمنا، وإن كان في غيرنا أوصى بنا، فقال: لا أفعل والله إن منعناه اليوم لا يؤتيناه الناس بعده، قال: فتوفي رسول الله ذلك اليوم. * وحدثني المغيرة بن محمد المهلبي من حفظه، وعمر بن شبة من كتابه بإسناد رفعه إلى أبي سعيد الخدري، قال: سمعت البراء بن عازب، يقول: لم أزل لبني هاشم محبا، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، خفت أن تتملأ قريش على إخراج هذا الأمر عنهم، فأخذني ما يأخذ الوالهة العجول، مع ما في نفسي من الحزن لوفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فكنت أتردد إلى بني هاشم وهم عند النبي (صلى الله عليه وآله) في الحجرة، وأتفقد وجوه قريش، فإني كذلك إذ فقدت أبا بكر، وعمر، وعثمان، وإذ قائل يقول: القوم في سقيفة بني ساعدة، وإذا قائل آخر يقول: قد بويع أبا بكر، فلم ألبث، وإذا أنا بأبي بكر قد أقبل ومعه عمر وأبو عبيدة وجماعة من أصحاب السقيفة، وهم محتجزون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه، وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه، شاء ذلك أو

(هامش)

(1) ابن أبي الحديد 2: 5. الإمامة والسياسة 1: 11. تاريخ الطبري 3: 199. الرياض النضرة 1: 167. (2) ابن أبي الحديد 2: 51. تاريخ الطبري: 3 عن ابن حميد عن سلمة قال: حدثنا محمد بن إسحاق. الكامل 2: 321. سيرة ابن هشام 4: 332. (*)

ص 49

أبى، فأنكرت عقلي وخرجت اشتد حتى انتهيت إلى بني هاشم والباب مغلق، فضربت عليهم الباب ضربا عنيفا وقلت: قد بايع الناس لأبي بكر بن أبي قحافة، فقال العباس: تربت أيديكم إلى آخر الدهر، أما إني قد أمرتكم فعصيتموني. فمكثت أكابد ما في نفسي، ورأيت في الليل المقداد، وسلمان، وأبا ذر، وعبادة بن الصامت، وأبا الهيثم بن التيهان، وحذيفة، وعمارا، وهم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين. فلما كان بليل خرجت إلى المسجد، فلما صرت فيه تذكرت أني كنت أسمع همهمة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بالقرآن فامتنعت من مكاني فخرجت إلى الفضاء، فضاء بني قضاعة، وأجد نفرا يتناجون فلما دنوت منهم سكتوا، فانصرفت عنهم، فعرفوني وما أعرفهم إليهم فأتيتهم فأجد المقداد بن الأسود، وعبادة بن الصامت، وسلمان الفارسي، وأبا ذر، وحذيفة، وأبا الهيثم بن التيهان، وإذا حذيفة يقول لهم: والله ليكونن ما أخبرتكم به، والله ما كذبت ولا كذبت، وإذا القوم يريدون أن يعيدوا الأمر شورى بين المهاجرين. ثم قال ائتوا أبي بن كعب، فقد علم ما كان علمت، قال: فانطلقنا إلى أبي، فضربنا عليه بابه حتى صار خلف الباب، فقال: من أنتم فكلمه المقداد، فقال: ما حاجتكم؟ فقال له: ما أنا بفاتح بابي، وقد عرفت ما جئتم له كأنكم أردتم النظر في هذا العقد؟ فقلنا: نعم، فقال: أفيكم حذيفة؟ فقلنا: نعم، قال: فالقول ما قال: وبالله ما أفتح عني بابي حتى تجري على ما هي جارية، ولما يكون بعدها شر منها وإلى الله المشتكى. وبلغ الخبر أبا بكر، وعمر، فأرسلا إلى أبي عبيدة، والمغيرة بن شعبة، فسألاهما عن الرأي، فقال المغيرة: إن تلقوا العباس فتجعلوا له هذا الأمر نصيبا فيكون له ولعقبه، فتقطعوا به من ناحية علي، ويكون لكم حجة

(هامش)

(1) من الكلمات التي جاءت عن العرب: أي لا أصبت خيرا. (*)

ص 50

عند الناس على علي، إذا مال معكم العباس. فانطلق أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، والمغيرة، حتى دخلوا على العباس، وذلك في الليلة الثانية من وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فحمد أبو بكر الله وأثنى عليه، وقال: إن الله ابتعث لكم محمدا (صلى الله عليه وآله) نبيا، وللمؤمنين وليا، فمن الله عليهم بكونه بين ظهرانيهم، حتى اختار له ما عنده، فخلى على الناس أمورهم ليختاروا لأنفسهم، متفقين غير مختلفين فاختاروني عليهم واليا، ولأمورهم راعيا، فتوليت ذلك، وما أخاف بعون الله وتسديده وهنا، ولا حيرة ولا جبنا، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب، وما أنفك يبلغني عن طاعن يقول بخلاف قول عامة المسلمين، يتخذ لكم لجأ فتكونوا حصنه المنيع، وخطبه البديع، فإما دخلتم فيما دخل فيه الناس، أو صرفتموهم عما مالوا إليه، فقد جئناك، ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا ولمن بعدك من عقبك إذ كنت عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإن كان المسلمون قد رأوا مكانك من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ومكان أهلك، ثم عدلوا بهذا الأمر عنكم، وعلى رسلكم بني هاشم، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) منا ومنكم. فاعترض كلامه عمر، وخرج إلى مذهبه في الخشونة والوعيد وإتيان الأمر من أصعب جهاته، فقال: إي والله، وأخرى إنا لم نأتكم حاجة إليكم، ولكن كرهنا أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم، فيتفاقم الخطب بكم وبهم فانظروا لأنفسكم وعامتهم، ثم سكت. فتكلم العباس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله ابتعث محمدا نبيا، كما وصفت، ووليا للمؤمنين، فمن الله به على أمته حتى اختار له ما عنده، فخلى الناس على أمرهم ليختاروا لأنفسهم، مصيبين للحق ماثلين عن زيغ الهوى، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين فنحن منهم، وما تقدمنا في أمركم فرطا، ولا حللنا وسطا، ولا نزحنا شحطا، فإن كان هذا الأمر يجب لك بالمؤمنين، فما وجب إذ كنا

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

السقيفة وفدك

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب