كتاب المنطق |
(2) وفي الجزئية: أما أن يكون المحمول أعم مطلقا من الموضوع أو اخص مطلقا, أو أعم من وجه, أو مساويا. وعلى بعض هذه التقادير وهو التقدير الأول والثالث لا يصدق العكس موجبة كلية, لأنه إذا كان المحمول أعم مطلقا أو من وجه, فإن الموضوع لا يصدق على جميع أفراد المحمول إنما يصدق لو كان أخص أو مساويا. إما عكسه إلى الموجبة الجزئية فإنه يصدق على كل تقدير, فإذا قلت: بعض السائل ماء يصدق بعض الماء سائل وبعض الماء سائل يصدق بعض السائل ماء وبعض الطير أبيض يصدق بعض الأبيض طير وبعض الإنسان ناطق يصدق بعض الناطق انسان السالبة الكلية تنعكس سالبة كلية فيبقى الكم والكيف معا, فإذا صدق قولنا: صدق لا شيء من الحيوان بشجر لا شيء من الشجر بحيوان والبرهان واضح: لان السالبة الكلية لا تصدق إلاَّ مع تباين الموضوع والمحمول تباينا كليا. والمتباينات لا يجتمعان أبدا, فيصح سلب كل منهما عن جميع أفراد الآخر, سواء جعلت هذا موضوعا أو ذاك موضوعا. وللتدريب على إقامة البراهين من طريق النقيض والعكس نقيم البرهان على هذا الأمر بالصورة الآتية: المفروض لا ب حـ قضية صادقة المدعى لا حـ ب صادقة أيضا البرهان: لو لم تصدق لا حـ ب لصدق نقيضها ع حـ ب ولصدق ع ب حـ (العكس المستوي للنقيض) وإذا لاحظنا هذا العكس المستوي (ع ب حـ) ونسبناه الى الأصل (لا ب حـ) وجدناه نقيضا له, فلو كان (ع ب حـ) صادقا وجب ان يكون (لا ب حـ) كاذبا, مع ان المفروض صدقه. فوجب ان تكون لا حـ ب صادقة وهو المطلوب تعقيب: بهذا البرهان تعرف الفائدة في النقيض والعكس المستوي عند الاستدلال لأنا لا بد أن نرجع في هذا البرهان إلى الوراء, فنقول: المفروض أن لا ب حـ صادقة فتكذب ع ب حـ نقيضها وهذا النقيض عكس ع حـ ب فيكذب أيضا لانه اذا كذب العكس كذب الأصل (القاعدة الثانية) واذا كذب هذا الأصل اعني ع حـ ب صدق نقيضه لا حـ ب وهو المطلوب فاستفدت (تارة) من صدق الأصل كذب نقيضه, و (أخرى) من كذب العكس كذب أصله, و (ثالثة) من كذب الأصل صدق نقيضه. وسيمر عليك مثل هذا الاستدلال كثيرا, فدقق فيه جيدا, وعليك بإتقانه. السالبة الجزئية لا عكس لها: أي لا تنعكس أبدا لا إلى كلية ولا إلى جزئية, لأنه يجوز ان يكون موضوعها اعم من محمولها مثل (بعض الحيوان ليس بإنسان). والأخص لا يجوز سلب الأعم عنه بحال من الأحوال لا كليا ولا جزئيا, لأنه كلما صدق الأخص صدق الأعم معه, فكيف يصح سلب الأعم عنه, فلا يصدق قولنا (لا شيء من الإنسان بحيوان) ولا قولنا (بعض الإنسان ليس بحيوان). المنفصلة لا عكس لها: أشرنا في صدر البحث إلى أن العكس المستوي يعم الحملية والشرطية: ولكن عند التأمل نجد أن المنفصلة لا ثمرة لعكسها, لأنها أقصى ما تدل عليه تدل على التنافي بين المقدم والتالي. ولا ترتيب طبيعي بينهما, فأنت بالخيار في جعل ايهما مقدما والثاني تاليا من دون أن يحصل فرق في البين, فسواء أن قلت: العدد إما زوج أو فرد, أو قلت: العدد إما فرد أو زوج, فإن مؤداهما واحد. فلذا قالوا: المنفصلة لا عكس لها. أي لا ثمرة فيه. نعم لو حولتها إلى حملية فإن أحكام الحملية تشملها, كما لو قلت في المثال مثلا: العدد ينقسم إلى زوج وفرد فإنها تنعكس إلى قولنا: ما ينقسم إلى زوج وفرد عدد. عكس النقيض وهو العكس الثاني للقضية الذي يستدل بصدقها على صدقه. ولو طريقتان. 1ـ طريقة القدماء, ويسمى (عكس النقيض الموافق) لتوافقه مع أصله في الكيف, وهو (تحويل القضية إلى أخرى موضوعها نقيض محمول الأصل ومحمولها نقيض موضوع الأصل, مع بقاء الصدق والكيف). وبالاختصار هو: (تبديل نقيضي الطرفين مع بقاء الصدق والكيف). فالقضية: كل كاتب إنسان, تحول بعكس النقيض الموافق الى: كل (لا إنسان) هو (لا كاتب) 2ـ طريقة المتأخرين, ويسمى (عكس النقيض المخالف), لتخالفه مع أصله في الكيف, وهو (تحويل القضية إلى أخرى موضوعها نقيض محمول الأصل ومحمولها عين موضوع الأصل, مع بقاء الصدق دون الكيف). فالقضية: كل كاتب إنسان, تحول بعكس النقيض المخالف إلى: لا شيء من (اللانسان) بكاتب قاعدة عكس النقيض من جهة الكم حكم السوالب هنا حكم الموجبات في العكس المستوي, وحكم الموجبات حكم السوالب هناك, أي أن: 1ـ السالبة الكلية تنعكس جزئية: سالبة في الموافق وموجبة في المخالف. 2ـ السالبة الجزئية تنعكس جزئية أيضا: سالبة في الموافق موجبة في المخالف. 3ـ الموجبة الكلية تنعكس كلية: موجبة في الموافق سالبة في المخالف. 4ـ الموجبة الجزئية لا تنعكس أصلا بعكس النقيض. البرهان ولا بد من إقامة البرهان على كل واحد من تلك الأحكام السابقة, وفي هذه البراهين تدريب للطالب على الاستفادة من النقيض والعكس في الاستدلال. وقد استعملنا الأسلوب المتبع في الهندسة النظرية لإقامة البرهان. فمن ألف أسلوب الكتب الهندسية يسهل عليه ذلك. وقد تقدم مثال منه في البرهان على عكس السالبة الكلية بالعكس المستوي موضحا(). ويجب أن يعلم أنا نرمز للنقيض بحرف عليه فتحة, للاختصار وللتوضيح. في كل ما سيأتي, على هذا النحو: بَ ................نقيض الموضوع حـَ ................ نقيض المحمول برهان عكس السالبة الكلية: فلأجل إثبات عكس السالبة الكلية بعكس النقيض نقيم برهانين: برهانا على عكسها بالموافق وبرهانا على عكسها بالمخالف, فنقول: (أولا) المدعى أنها تنعكس سالبة جزئية بعكس النقيض الموافق ولا تنعكس سالبة كلية, فهنا مطلوبان, أي أنه إذا صدقت. لا ب حـ صدقت س حـَ بَ (المطلوب الاول) ولا تصدق لا حـَ بَ (المطلوب الثاني) البرهان: أن من المعلوم: 1ـ أن السالبة الكلية لا تصدق إلا إذا كان بين طرفيها تباين كلي. وهذا بديهي. 2ـ أن النسبة بين نقيضي المتباينين هي التباين الجزئي, وقد تقدم البرهان على ذلك في بحث النسب في الجزء الأول. 3ـ أن مرجع التباين الجزئي إلى سالبتين جزئيتين, كما أن مرجع التباين الكلي إلى سالبتين كليتين. وهذا بديهي أيضا. وينتج من هذه المقدمات الثلاث أنه: إذا صدق لا ب حـ (أي يكون بين الطرفين تباين كلي) صدقت س بَ جـَ السالبة الجزئية بين النقيضين وصدقت أيضا س حـَ بَ السالبة الجزئية بين النقيضين وهو (المطلوب الأول) ثم يفهم من المقدمة الثانية أن التباين الكلي لا يتحقق دائما بين نقيضي المتباينين, إذ ربما يكون بينهما العموم والخصوص من وجه. أي أن السالبة الكلية بين نقيضي المتباينين لا تصدق دائما. أو فقل لا تصدق دائما لا حـَ بَ (المطلوب الثاني) (ثانيا) المدعى أن السالبة الكلية تنعكس موجبة جزئية بعكس النقيض المخالف ولا تنعكس موجبة كلية, فهنا مطلوبان, أي أنه إذا صدقت: لا ب حـَ صدقت ع حـَ ب (المطلوب الأول) ولا تصدق كل حـَ ب (المطلوب الثاني) البرهان: لما كان بين ب, حـ تباين كلي كما تقدم فمعناه أن احدهما يصدق مع نقيض الآخر. أي أن ب يصدق مع حـَ وإذا تصادق ب و حـَ صدق على الأقل ع حـَ ب (المطلوب الأول) ثم أنه تقدم أن نقيضي المتباينين قد تكون بينهما نسبة العموم والخصوص من وجه, فيصدق على هذا التقدير: حـَ مع ب ولا يصدق حينئذ حـَ مع ب والا لاجتمع النقيضان ب, بَ فلا يصدق كل حـَ ب (المطلوب الثاني) برهان عكس السالبة الجزئية: ولآجل إثبات عكس السالبة الجزئية بعكس النقيض أيضا نقيم برهانين للموافق والمخالف, فنقول: (أولا) المدعى أن السالبة الجزئية تنعكس سالبة جزئية بعكس النقيض الموافق, ولا تنعكس كلية, فهنا مطلوبان, أي انه إذا صدقت: س ب حـ صدقت س حـ ب (المطلوب الاول) ولا تصدق لا حـَ بَ (المطلوب الثاني) البرهان: من المعلوم أن السالبة الجزئية تصدق في ثلاثة فروض: 1ـ أن يكون بين طرفيها عموم من وجه. وحينئذ يكون بين نقيضيهما تباين جزئي, كما تقدم في بحث النسب. 2ـ أن يكون بينهما تباين كلي, وبين نقيضيهما أيضا تباين جزئي كما تقدم. 3ـ أن يكون الموضوع أعم مطلقاً من المحمول, فيكون نقيض المحمول أعم مطلقا من نقيض الموضوع. وعلى جميع هذه التقارير الثلاثة تصدق السالبة الجزئية: س حَ بَ (المطلوب الأول) إما للتباين الجزئي بينهما أو لان نقيض ح أعم مطلقا من نقيض ب. ثم على بعض التقارير يكون بين نقيضي الطرفين عموم وخصوص من وجه أو مطلقا, فلا تصدق السالبة الكلية: لا حَ بَ (المطلوب الثاني) (ثانيا) المدعى أن السالبة الجزئية تنعكس موجبة جزئية بعكس النقيض المخالف, ولا تنعكس كلية, فهنا مطلوبان, أي إذا صدقت: س ب ح صدقت ع حـ َ ب (المطلوب الأول) ولا تصدق كل حـَ ب (المطلوب الثاني) البرهان: تقدم أن على جميع التقادير الممكنة للموضوع والمحمول في السالبة الجزئية إما أن يكون بين نقيضيهما تباين جزئي أو أن نقيض المحمول أعم مطلقا, فيلزم على التقديرين أن يصدق: بعض حَ بدون بَ فيصدق بعض حَ مع ب لان النقيضين (وهما بَ, ب) لا يرتفعان أي يصدق ع حَ ب (المطلوب الأول) ثم أن نقيضي الموضوع والمحمول قد يكون بينهما عموم من وجه. وقد تصدق ع حَ بَ ويمكن تحويلها إلى س حَ ب صادقة لان الأولى موجبة معدولة المحمول فيمكن جعلها سالبة محصلة المحمول إذ السالبة المحصلة المحمول أعم من الموجبة المعدولة المحمول إذا اتفقا في الكم, وإذا صدق الأخص صدق الأعم قطعا, فإذا كانت: س حَ ب صادقة كذب نقيضها كل حَ ب (المطلوب الثاني) برهان عكس الموجبة الكلية: ولأجل إثبات عكس الموجبة الكلية بعكس النقيض, نقيم أيضا برهانين للموافق والمخالف فنقول: (أولا) المدعى أنها تنعكس موجبة كلية بعكس النقيض الموافق, أي أنه إذا صدقت: كل ب ح (المفروض) صدقت كل حَ ب (المطلوب) البرهان: لو لم تصدق كل حَ بَ لصدقت س حَ بَ نقيضها فتصدق س ب ح (عكس نقيضها الموافق) فتكذب كل ب ح (نقيض العكس المذكور) وهذا خلف أي خلاف الفرض, لان هذا (نقيض العكس المذكور) هو نفس الأصل المفروض صدقه. فوجب أن تصدق كل حَ بَ (وهو المطلوب) (ثانيا) المدعى أن الموجبة الكلية تنعكس سالبة كلية بعكس النقيض المخالف, أي أنه إذا صدقت: كل ب ح (المفروض) صدقت لا ح ب (المطلوب) البرهان: لو لم تصدق لا حَ ب لصدقت ع حَ ب نقيضها فتصدق ع ب حَ عكسها المستوي وهذه موجبة جزئية معدولة المحمول, فتحول الى سالبة جزئية محصلة المحمول, وقد تقدم, فيحدث أن: س ب ح فتكذب كل ب ح نقيضها وهذا خلف, لأنه الأصل المفروض صدقه فوجب أن تصدق لا حَ ب (وهو المطلوب) الموجبة الجزئية لا تنعكس يكفينا للبرهنة على عدم انعكاس الموجبة الجزئية بعكس النقيض الموافق والمخالف مطلقا أن نبرهن على عدم انعكاسها إلى الجزئية. وبطريق أولى يعلم عدم انعكاسها إلى الكلية, لأنه تقدم أن الجزئية داخلة في الكلية, فإذا كذبت الجزئية كذبت الكلية. وعليه فنقول: (أولا) المدعى أن الموجبة الجزئية لا تنعكس إلى موجبة جزئية بعكس النقيض الموافق. فإذا صدقت ع ب ح لا يلزم أن تصدق ع ح بَ البرهان: من موارد صدق الموجبة الجزئية, أن يكون بين طرفيها عموم من وجه, فيكون حينئذ بين نقيضيهما نسبة التباين الجزئي الذي هو أعم من التباين الكلي والعموم من وجه, فيصدق على تقدير التباين الكلي: لا ح ب فيكذب نقيضها ع ح ب (وهو المطلوب) (ثانيا) المدعى أن الموجبة الجزئية لا تنعكس الى السالبة الجزئية بعكس النقيض المخالف. فإذا صدقت ع ب ح لا يلزم أن تصدق س ح ب البرهان: قد تقدم على تقدير التباين الكلي بين نقيضي الطرفين في الموجبة الجزئية والسالبة الكلية: لا ح ب فتصدق كل حَ ب لان سلب السلب إيجاب فيكذب نقيضها س حَ ب (وهو المطلوب) ولأجل أن يتضح لك عدم انعكاس الموجبة الجزئية بعكس النقيض تدبر هذا المثال وهو (بعض اللانسان حيوان), فإن هذه القضية لا تنعكس بعكس النقيض الموافق الى (بعض اللاحيوان انسان) ولا إلى (كل لا حيوان انسان) لانهما كاذبتان, لأنه لا شيء من اللاحيوان بانسان. ولا تنعكس بالمخالف الى (ليس لا حيوان لا انسان) ولا إلى (لا شيء من اللاحيوان بلا انسان), لانهما كاذبتان أيضا, لان كل لا حيوان هو لا انسان. تمرينات 1ـ إذا كانت هذه القضية (كل عاقل لا تبطره النعمة) صادقة. فبين حكم القضايا الآتية في صدقها أو كذبها. مع بيان السبب: أـ بعض العقلاء لا تبطره النعمة. ب ـ ليس بعض العقلاء لا تبطره النعمة. ج ـ جميع من لا تبطرهم النعمة عقلاء. د ـ لا شخص من العقلاء لا تبطره النعمة. هـ ـ كل من تبطره النعمة غير عاقل. و ـ لا شخص ممن تبطره النعمة بعاقل. زـ بعض من لا تبطره النعمة عاقل. 2ـ إذا كانت هذه القضية (بعض المعادن ليس يذوب بالحرارة) كاذبة, فاستخرج القضايا الصادقة والكاذبة التي تلزم من كذب هذه القضية. 3ـ استدل() فخر المحققين في شرحه (الإيضاح) على أن الماء يتنجس بالتغيير التقديري بالنجاسة فقال: (أن الماء مقهور بالنجاسة عند التغيير التقديري. لأنه كلما لم يصيرِّ الماء مقهورا لم يتغير بها على تقدير المخالفة. وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا: كلما تغير الماء على تقدير المخالفة بالنجاسة كان مقهورا). فبين أي عكس نقيض هذا. وكيف استخراجه. ولاحظ ان القضية المستعملة هنا شرطية متصلة. من ملحقات العكوس: من المباحث التي لا تقل شأنا عن العكوس في استنباط صدق القضية من صدق أصلها, مباحث (النقض), فلا باس بالتعرض لها إلحاقا لها بالعكوس, فنقول: ـ النقض: هو تحويل القضية إلى أخرى لازمة لها في الصدق مع بقاء طرفي القضية على موضعهما. وهو على ثلاثة أنواع: 1ـ أن يجعل نقيض موضوع الأولى موضوعا للثانية ونفس محمولها محمولا, ويسمى هذا التحويل (نقض الموضوع), والقضية المحولة (منقوضة الموضوع). 2ـ أن يجعل نفس موضوع الأولى موضوعا للثانية ونقيض محمولها محمولا, ويسمى التحويل (نقض المحمول) والقضية المحول (منقوضة المحمول). 3ـ أن يجعل نقيض الموضوع موضوعا ونقيض المحمول محمولا. ويسمى التحويل (النقض التام). والقضية المحولة (منقوضة الطرفين). ولنبحث عن قاعدة كل واحد من هذه الأنواع. ولنبدأ بقاعدة نقض المحمول لأنه الباب للباقي كما ستعرف السر في ذلك: قاعدة نقض المحمول علينا لاستخراج منقوضة المحمول صادقة ـ على تقدير صدق أصلها ـ أن نغير كيف القضية ونستبدل محمولها بنقيضه. مع بقاء الموضوع على حاله, وبقاء الكم. ولا بد من إقامة البرهان على منقوضة محمول كل واحدة من المحصورات, فنقول: 1ـ (الموجبة الكلية) منقوضة محمولها سالبة كلية نحو كل انسان حيوان فتحول بنقض محمولها إلى: (لا شيء من الانسان بلا حيوان). وللبرهان على ذلك نقول: إذا صدقت كل ب ح (المفروض) صدقت لا ب حـ (المطلوب) البرهان: إذا صدقت كل ب ح صدقت لا حَ ب عكس نقيضها المخالف وينعكس بالعكس المستوي إلى لا ب حَ وهو المطلوب 2ـ (الموجبة الجزئية) منقوضة محمولها سالبة جزئية, نحو بعض الحيوان إنسان, فتتحول بنقض محمولها إلى: (ليس كل حيوان لا انسان. أي انه إذا صدقت: ع ب ح (المفروض) صدقت س ب حَ (المطلوب) البرهان: لو لم تصدق س ب حَ لصدق نقيضها كل ب حَ فتصدق لا ب ح (نقض المحمول) فيكذب نقيضها ع ب ح ولكنه عين الأصل فهو خلاف الفرض. فيجب ان يصدق س ب حَ (وهو المطلوب) 3ـ (السالبة الكلية) منقوضة محمولها موجبة كلية, نحو لا شيء من الماء بجامد, فتتحول بنقض محمولها الى:( كل ماء غير جامد). أي أنه إذا صدقت:ـ لا ب ح (المفروض) صدقت كل ب حَ (المطلوب) البرهان: لو لم تصدق كل ب حَ لصدق نقيضها س ب حَ فتصدق ع ب ح لان سلب السلب ايجاب فيكذب نقيضها لا ب ح ولكنه عين الأصل فهو خلاف الفرض. فيجب أن يصدق كل ب حَ (وهو المطلوب) 4ـ (السالبة الجزئية) منقوضة محمولها موجبة جزئية, نحو ليس كل معدن ذهبا, فتتحول بنقض محمولها إلى: (بعض المعدن غير ذهب). أي انه إذا صدقت:ـ س ب ح (المفروض) صدقت ع ب حَ (المطلوب) البرهان: إذا صدقت س ب ح (الأصل) صدقت ع حَ ب (عكس النقيض المخالف) وينعكس بالعكس المستوي الى ع ب حَ وهو المطلوب تنبيهات طريقة تحويل الأصل: (التنبيه الأول) الطريقة التي اتبعناها في البرهان على منقوضة محمول الموجبة الكلية والسالبة الجزئية طريق جديدة في البرهان, ينبغي أن نسميها الآن (طريقة تحويل الأصل) قبل مجيء بحث القياس فتدخل في أحد أقسامه() كالطريق السابقة التي سميناها: (طريقة البرهان على كذب النقيض). وقد رأيت أننا في هذه الطريقة (طريقة تحويل الأصل) أجرينا التحويلات التي سبقت معرفتنا لها على الأصل, ثم على المحول من الأصل تباعا, حتى انتهينا إلى المطلوب: فقد رأيت في الموجبة الكلية إنا حولنا الأصل الى عكس النقيض المخالف, فيصدق على تقدير صدق أصله, ثم حولنا هذا العكس الى العكس المستوي, فخرج لنا نفس المطلوب أعني (منقوضة المحمول), فيصدق التحويل الثاني على تقدير صدق عكس نقيض الأصل (التحويل الأول) الصادق على تقدير صدق الأصل فيصدق التحويل الثاني على تقدير صدق الأصل, وهذا هو المقصود إثباته فتوصلنا إلى المطلوب بأقصر طريق. وسنتبع هذه الطريق السهلة فيما يأتي لنقض الموضوع والنقض التام, ويمكن أجراؤها أيضا في البرهان على عكوس النقيض باستخدام منقوضة المحمول. وعلى الطالب ان يستعمل الحذق وينتبه إلى أنه أي التحويلات ينبغي استخدامه حتى يتوصل إلى مطلوبه. تحويل معدولة المحمول: (التنبيه الثاني) وقد استعملنا في عكس النقيض ونقض المحمول طريقتين من التحويل الملازم للأصل في الصدق, وفي الحقيقة هما من باب نقض المحمول, ولكن لبداهتهما استدللنا بهما قبل أن يأتي البرهان على منقوضة المحمول ولذا لم نسمها بنقض المحمول, وهما: ـ أ ـ (تحويل الموجبة بالمعدولة الى سالبة محصلة المحمول موافقة لها في الكم), لان مؤداهما واحد, وإنما الفرق أن السلب محمول في الموجبة والحمل مسلوب في السالبة. ب ـ تحويل السالبة المعدولة المحمول إلى موجبة محصلة المحمول موافقة لها في الكم, لأن سلب إيجاب. وهذا بديهي واضح. تمرينات 1ـ برهن على نقض محمول الموجبة الكلية بطريق البرهان على كذب النقيض. 2ـ برهن على نقض محمول السالبة الجزئية بطريق البرهان على كذب النقيض. 3ـ برهن على نقيض محمول السالبة الجزئية بطريقة تحويل الأصل, بأخذ عكس النقيض الموافق أولا, ثم استمر إلى أن تستخرج منقوضة المحمول. 4ـ جرب هل يمكن البرهان على نقض محمول الموجبة الجزئية بطريقة تحويل الأصل. 5ـ برهن على نقض محمول السالبة الكلية بطريقة تحويل الأصل. وانظر ماذا ستكون النتيجة, وبين ما تجده. 6ـ برهن على عكس النقيض المخالف والموافق لكل من المحصورات. عدا الموجبة الجزئية, بطريقة تحويل الأصل, واستخدم لهذا الغرض قاعدتي نقض المحمول والعكس المستوي فقط. 7ـ جرب أن تبرهن على عكس النقيض المخالف والموافق للموجبة الجزئية بهذه الطريقة, وانظر انك ستقف فلا تستطيع الوصول الى النتيجة, فبين أسباب الوقوف. قاعدة النقض التام ونقض الموضوع لاستخراج (منقوضة الطرفين) صادقة علينا أن نستبدل بموضوع القضية الأصلية نقيضه فنجعله موضوعا وبمحمولها نقيضه فنجعله محمولا, مع تغيير الكم دون الكيف. ولاستخراج (منقوضة الموضوع) صادقة علينا أن نستبدل بموضوع القضية الأصلية نقيضه فنجعله موضوعا ونبقي المحمول على حاله, مع تغيير الكم والكيف معا. ولا ينقض بهذين النقضين الا الكليتان. ولا بد من البرهان لكل من المحصورات: 1ـ (الموجبة الكلية) نقضها التام موجبة جزئية, ونقض موضوعها سالبة جزئية, نحو كل فضة معدن, فنقضها التام: (بعض اللافضة هو لا معدن) ونقض موضوعها: (بعض اللافضة ليس هو معدنا). وللبرهان على ذلك نقول: المفروض صدق كل ب ح والمدعى صدق ع بَ حَ (المطلوب الاول) وصدق س بَ ح (المطلوب الثاني) البرهان: اذا صدق كل ب ح صدق كل حَ بَ عكس النقيض الموافق فيصدق عكسه المستوي ع بَ حَ (وهو المطلوب الاول) وتنقض محمول هذا الأخير فيحدث س بَ ح (وهو المطلوب الثاني) 2ـ (السالبة الكلية) نقضها التام سالبة جزئية, ونقض موضوعها موجبة جزئية نحو: لا شيء من الحديد بذهب, فنقضها التام: (بعض اللاحديد ليس بلا ذهب), ونقض موضوعها: (بعض اللاحديد ذهب). وللبرهان على ذلك نقول: المفروض صدق لا ب ح والمدعى صدق س بَ حَ (المطلوب الأول) وصدق ع بَ حَ (المطلوب الثاني) البرهان: اذا صدق لا ب ح صدق لا ح ب العكس المستوي فيصدق عكس نقيضه الموافق س بَ حَ (وهو المطلوب الأول) وننقض محمول هذا التخير فيحدث ع بَ ح (وهو المطلوب الثاني) 3, 4ـ (الجزئيتان) ليس لهما نقض تام ولا نقض موضوع. وللبرهنة على ذلك يكفي البرهان على عدم نقضهما إلى الجزئية, فيعلم بطريق أولى عدم نقضهما إلى الكلية, كما قدمنا في عدم انعكاس الموجبة الجزئية بعكس النقيض, فنقول: (في الموجبة الجزئية): المفروض صدق ع ب ح المدعى لا تصدق دائما ع بَ حَ (المطلوب الاول) ولا تصدق دائما س بَ حَ (المطلوب الثاني) البرهان: تقدم في عكس النقيض في الموجبة الجزئية أن في بعض تقاديرها تكون النسبة بين نقيضي طرفيها التباين الكلي, فتصدق حينئذ السالبة الكلية: لا بَ حَ فيكذب نقيضها ع بَ حَ (وهو المطلوب الأول) وتصدق أيضا منقوضة محمول هذه السالبة الكلية كل بَ ح فيكذب نقيضها س بَ حَ (وهو المطلوب الثاني) (وفي السالبة الجزئية): المفروض صدق س ب ح والمدعى لا تصدق دائما س بَ حَ (المطلوب الاول) ولا تصدق دائما ع بَ ح (المطلوب الثاني) البرهان: في السالبة الجزئية قد يكون الموضوع أعم من المحمول مطلقا نحو بعض الحيوان ليس بانسان, ولما كان: (أولا) نقيض الأعم أخص من نقيض الأخص مطلقا. فتصدق إذن الموجبة الكلية: كل بَ حَ فيكذب نقيضها س بَ حَ (وهو المطلوب الاول) و (ثانيا) نقيض الأعم يباين عين الأخص تباينا كليا, فتصدق إذن السالبة الكلية: لا بَ ح فيكذب نقيضها ع بَ ح (وهو المطلوب الثاني)
لوح نسب المحصورات
أو جميع ما تقدم من أحكام القضايا (النقيض والعكوس والنقض) هي من نوع الاستدلال المباشر بالنسبة إلى القضية المحولة عن الأصل, أي النقيض والعكس والنقض, لأنه يستدل في النقض من صدق إحدى القضيتين على كذب الأخرى وبالعكس, ويستدل في الباقي من صدق الأصل على صدق ما حول أليه عكسا أو نقضا, أو من كذب العكس والنقض على كذب الأصل. وسميناه مباشرا لان انتقال الذهن إلى المطلوب, أعني كذب القضية أو صدقها, إنما يحصل من قضية واحدة معلومة فقط, بلا توسط قضية أخرى. وقد تقدم البرهان على كل نوع من أنواع الاستدلال المباشر. وبقي نوع آخر منه بديهي لا يحتاج إلى أكثر من بيانه. وقد يسمى (البديهية المنطقية) فنقول: من البديهيات في العلوم الرياضية أنه إذا أضفت شيئا واحداً إلى كل من الشيئين المتساويين فإن نسبة التساوي لا تتغير, فلو كان: ب = ح وأضفت إلى كل منهما عددا معينا مثل عدد (4) لكان: ب+4=ح+4 وكذلك إذا طرحت من كل منهما عددا معينا أو ضربتهما فيه أو قسمتهما عليه كعدد 4 فإن نسبة التساوي لا تتغير, فيكون: ب – 4 = ح – 4 و ب * 4 = ح * 4 و ب ÷ 4 = ح ÷4 وكذا لا تتغير النسبة لو كان ب أكبر من حَ أو أصغر منه فانه يكون ب + 4 أكبر من ح + 4 أو أصغر منه و ب – 4 أكبر من ح – 4 أو أصغر منه وهكذا ونظير ذلك نقول في القضية, فإنه لو صح أن تزيد كلمة على موضوع القضية ونفس الكلمة على محمولها, فإن نسبة القضية لا تتغير بمعنى بقاء الكم والكيف والصدق. فإذا صدق: كل انسان حيوان واضفت كلمة (رأس) الى طرفيها صدق: كل (رأس) انسان (رأس) حيوان. أو أضفت كلمة (يحب) مثلا صدق: كل (من يحب) انسانا (يحب) حيوانا وإذا صدق: لا شيء من الحيوان بحجر صدق: لا شيء من الحيوان (مستلقيا) بحجر (مستلقيا) وإذا صدق: بعض المعدن ليس بذهب صدق: بعض (قطعة) المعدن ليس (بقطعة) ذهب وهكذا يمكن لك أن تحول كل قضية صادقة إلى قضية أخرى صادقة, بزيادة كلمة تصح زيادتها على الموضوع والمحمول معا, بغير تغيير في كم القضية وكيفها, سواء كانت الكلمة مضافة أو حالا أو وصفا أو فعلا أو أي شيء آخر من هذا القبيل. |
كتاب المنطق |