انوار البدرين

الصفحة السابقة الصفحة التالية

انوار البدرين

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 391

 

ثم تكتب رقعة أخرى إلى صاحب الزمان

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

توسلت بحجة الله الخلف الصالح محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب النبأ العظيم والصراط المستقيم والحبل المتين عصمة الملتجأ وقسيم الجنة والنار أتوسل إليك بآبائك الطاهرين الخيرين المنتجبين وأمهاتك الطاهرات الباقيات الصالحات الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه فقال عز من قائل: (والباقيات الصالحات) وبجدك رسول الله وخليله وحبيبه وخيرته من خلقه أن تكون وسيلتي إلى الله تعالى في كشف ضري وحل عقدي وفرج حزني وكشف بليتي وتنفيس كربتي وبكهيعص وبياسين والقرآن الحكيم وبالكلمة الطيبة وبما حوى القرآن من مستقر الرحمة وبجبروت العظمة وباللوح المحفوظ وبحقيقة الإيمان وقوام البرهان وبنور النور وبمعدن النور والحجاب المستور والبيت المعمور والسبع المثاني والقرآن العظيم وفرائض الأحكام والتكلم بالعبراني والمترجم باليوناني والمناجي بالسرياني وما دار في الخطرات وما لم تحط به الظنون من علمك المخزون وبسرك المصون والتوراة والإنجيل والزبور يا ذا الجلال والإكرام صل على محمد وآل محمد وخذ بيدي وفرج عني بأنوارك وأقسامك وكلماتك البالغة إنك جواد كريم وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلواته وسلامه على صفوته من بريته محمد وذريته، وتطيب الرقعتين وتجعل رقعة الباري عز وجل في رقعة الإمام عليه السلام وتطرحهما في نهر جاري أو بئر ماء بعد أن تجعلهما في طين

ص 392

حر وتصلي ركعتين وتتوجه إلى الله تعالى بمحمد وآله الطاهرين عليهم السلام وتطرحهما ليلة الجمعة واستشعر فيهما الإجابة لا على سبيل التجربة ولا يكون إلا عند الشدائد وللأمور الصعبة ولا تكتبها لغير أهلها فإنها لا تنفعه وهي أمانة في عنقك وسوف تسأل عنها وإذا رميتهما فادع بهذا الدعاء اللهم إني أسألك بالقدرة التي لحظت بها البحر العجاج فأزيد وهاج وماج وكان كالليل الداج طوعا لأمرك وخوفا من سطوتك فانفتق أجاجه وأتلق منهاجه وسجت جزائره وقدست جواهره تناديك حياته باختلاف لغاتها إلهنا وسيدنا ما الذي نزل بنا وما الذي حل ببحرنا فقلت لها اسكني سأسكنك وليا وأجاور بك عبدا زكيا فسكن وسبح ووعد بضمائر المنح فلما نزل به ابن متى بما ألم الظنون فلما في فيها سبح في أمعائها فبكت الجبال عليه تلهفا وأشفقت عليه الأرض تأسفا فيونس عليه السلام في حوته كموسى في تابوته لأمرك طائعا ولوجهك ساجدا خاضعا فلما أحببت أن تقيه ألقيته في شاطئ البحر شلوا لا تنظر عيناه ولا تبطش يداه ولا تركض رجلاه وأنبت منة عليه شجرة من يقطين وأجريت له فراتا من معين فلما استغفر وتاب خرقت له إلى الجنة بابا إنك أنت الوهاب وتذكر الأئمة عليهم السلام واحدا انتهى كلام الشيخ الصهرشتي قدس الله روحه. (أقول): وهو يدل على طريق آخر لهذه القصة بهذه الكيفية إذ لم يذكرها السيد والشيخ الكفعمي قدس سرهما ثم إسناد ذلك منه عن مصباح الشيخ ومختصره والمصباح الموجود المتداول ليس فيه شيء من ذلك ولعل هذا الشيخ عنده نسخة الأصل لكونه في عصر الشيخ ومن تلامذته وفيها ما ليس في غيرها أو كتبها الشيخ حاشية على كتابه فظن أنها من الأصل ولم تكتب في النسخ وربما

ص 393

تزيد نسخة الأصل على غيرها وكيف كان فيكفي في هذه الاستغاثة الشريفة ما نقله السيد الجليل ونقله هو أيضا إلى آخر كلام أبي عثمان (ره) من دون هذه الزيادات. وقال الشيخ الكفعمي في المصباح ومن رقاع الإستغاثات في الأمور المخوفات القصة الكشمردية تكتب الحمد وآية العرش ثم تكتب بسم الله الرحمن الرحيم من العبد الذليل وساق الكلام إلى قوله أو يطغى ثم قال ثم تدعو بما تختار وتكتب هذه القصة في قرطاس ثم تضع في بندقة طين طاهر نظيف ثم تقرأ عليها سورة ياسين ثم ترمي بها في بئر عميقة أو عين ماء عميقة تنج إن شاء الله تعالى انتهى كلامه علا مقامه وظاهره الوقوف على هذه القضية بطريق آخر غير ما تقدم والكل حسن وكل ناقل منهما ثقة أمين. (أقول): ولم تزل القرامطة في دولتهم ومنكراتهم حتى أباد الله دولتهم وأخمد صولتهم بظهور الأمير عبد الله بن علي البيوني الأحسائي آل إبراهيم من ربيعة جد الأمير علي بن مقرب الشاعر الأديب فبقي يراوحهم ويغاديهم بالحرب مدة سبع سنوات وهو في أربعمائة رجل وربما تزيد قليلا حتى ذهبت أيامهم وعفت رسومهم وأعوامهم ومن جملة ما اتفق في إدبار أمرهم وقطع شرهم أن أبا البهلول العوام بن محمد بن الزجاج الذي أحدث قرية العوامية من بني عبد القيس تغلب على جزيرة أوال وانتزعها من أيديهم وطرد عاملهم عنها فلما سمعوا الخبر حشدوا الجنود الكثيرة من الأعراب وغيرهم وأتوا بهم إلى القطيف وكانت لهم فجهزوا ثلثمائة سفينة مملوءة عساكر وعليهم أمير من جهتهم فلما توسطوا البحر بين البحرين والقطيف في الموضع المعروف إلى الآن بكسكوس عصفت بهم ريح عظيمة فاغرقتهم جميعا إلى أن صار ما ذكرناه من قطع أدبارهم وقلع آثارهم وقد أشار إلى ذلك الأديب

ص 394

الشاعر المهذب علي بن مقرب في بعض قصائده بقوله: سل القرامط من شظى جماجمهم * طرا وغادرهم بعد العلا خدما وما بنوا مسجدا لله نعلمه * بل كلما وجدوه قائما هدما وحرقوا عبد قيس في منازلها * وغادروا الغر من ساداتها حمما فسبحان الملك الحق المبين الذي لا يزول ملكه ولا يبقى إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون. وهذا أوان ذكر علمائها وما وقفنا عليه من أدبائها وما شذ عنا أكثر لعدم المتصدي لهذا الشأن وعدم اجتماعنا بالمطلعين منهم لهذا العنوان فهو قليل من كثير ونقطة من غدير:

 

1 - الشيخ علي بن مقرب

 

فمن أدبائها (ره) البلغاء وأمرائها النبلاء الأمير الأديب الأريب المهذب الشيخ علي بن مقرب الأحسائي ينتهي نسبه إلى عبد الله بن علي بن إبراهيم البيوني الذي أزال دولة القرامطة من ربيعة كما تقدم وكان هذا الشيخ أديبا فاضلا ذكيا أبيا شاعرا مصقعا من شعراء أهل البيت (عليهم السلام) ومادحيهم المتجاهرين ذا النفس الأبية والأخلاق المرضية والشيم الرضية وقد كشف جامع ديوانه وشارحه كثيرا من أحواله بتفصيله وإجماله وهو مطبوع الآن وإن كان الظاهر أنه من المخالفين له في المذهب ولهذا حذف من أشعاره المراثي والمدائح

ص 395

وجرد منها ما هو الأولى والأحرى بالذكر والصالح وتحتمل التقية في حقه وقد وقفت له على مراثي كثيرة على الحسين (ع) سبط المصطفى منها المربعة في نظم مقتل الحسين (ع) ومنها قصائد من جملتها المشهورة التي أولها: من أي خطب فادح نتألم * ولأي مرزئة ننوح ونلطم إلى أن يقول في آخرها: قمنا بسنتكم وحطنا دينكم * بالسيف لا نالوا ولا نتبرم وعلى المنابر صرحت خطباؤنا * جهرا بكم وأنوف قوم ترغم لا تسلموني يوم لا متأخر * لي عن جزا عملي ولا متقدم (1) وفي نظمه الحماسة والأمثال الجيدة مع البلاغة المستحسنة وقد أصابته من بني عمه نكبات أوجبت له تجشم الغربات وفي ديباجة شرح ديوانه شرح لما لقيه في زمانه من أراده فهو مبذول.

(هامش)

(1) ومن جملة قصائده (ره) في رثاء الحسين (ع) قصيدة عينية أولها: يا باكيا لدمنة ومربع * إبك على آل النبي اللوذعي ويقول في آخرها: يا آل طه أنتم وسيلتي * عند إلهي وإليكم مفزعي وإن منعتم من تولى غيركم * أن يرد الحوض غدا لم امنع إليكم نفثة مصدور أتت * من مفحم للشعراء مصقع مقربي عربي طبعه * ونجره وليس بالمبتدع ينمى من البيت العيوني إلى * أجل بيت في العلا وأرفع عليكم صلى إلهي وسقى * أجداثكم بكل غيث ممرع (*)

ص 396

 

2 - الشيخ أحمد السبعي

 

ومنهم رحمهم الله تعالى العالم الكامل النحرير فخر الدين الشيخ أحمد بن محمد بن عبد الله بن رفاعة السبعي الأحسائي الفاضل الفقيه صاحب شرح قواعد العلامة من العلماء الفضلاء يروي عن شيخنا الشهيد الأول بواسطتين قال في (اللؤلؤة) كان (قدس سره) من أجل تلامذة الشيخ جمال الدين الشيخ أحمد ابن عبد الله بن سعيد بن المتوج البحراني وكان تاريخ فراغة من الشرح المذكور سنة ست وثلاثين وثمانمائة وما ذكرناه من تاريخ فراغه من الشرح المذكور من النسخة التي بخطه قد وصلت إلى آخر كتاب الوصية انتهى. (قلت) وقد صرح في ديباجة الشرح المذكور كما عن جماعة بشرح شيخه العلامة ابن المتوج المزبور وهو كتاب الوسيلة على القواعد وأثنى على شيخه بغاية الثناء ونهاية الاطراء.

 

3 - الشيخ أحمد بن فهد

 

(ومنهم قدس سرهم) العالم العامل المحقق الكامل الأسعد الشيخ أحمد ابن فهد بن إدريس الأحسائي، قال الشيخ الفاضل ابن أبي جمهور الأحسائي الآتي

ص 397

ذكره في (غوالي اللئالي) عن الشيخ النحرير شهاب الدين أحمد بن فهد بن إدريس الأحسائي عن شيخه العلامة خاتمة المجتهدين المنتشرة فتاويه في جميع العالمين فخر الدين أحمد بن المتوج البحراني انتهى. وقال شيخنا في (اللؤلؤة): (أقول) ومن غريب الاتفاق ما ذكره بعض أصحابنا بعد ذكر هذا الرجل أعني أحمد بن فهد قال واعلم أن ابن فهد هذا وابن فهد الأسدي المشهور متعاصران ولكل منهما شرح على إرشاد العلامة وقد يتحد بعض مشايخهم أيضا ومن هذه الوجوه كثيرا ما يشتبه الأمر فيهما ولا سيما في شرحيهما على الإرشاد قال وقد وقع بيدي جلد من شرح الإرشاد للشيخ أحمد الأحسائي المذكور من كتاب النكاح وفي آخره مكتوب نقلا من خط الشارح المذكور ما صورته: (وحيث وفق الله سبحانه لتكميل ما أوردناه وتيسر لنا الذي قصدناه من إيضاح الخطاب وأعطانا من فضل رحمته كمال الأمنية وسهل لنا ما ألفناه في الملة الحنفية فلنحبس خطوب الأقلام ونقبض عنان الكلام حامدين لربنا على سوابغ النعم مصلين على سيد العرب والعجم وعلى أهل بيته دعايم الإسلام ما كثر الضياء على الظلام وصدعت في أفنانها ورق الحمام ونبتهل إلى من لا تأخذه سنة ولا نوم أن يؤتينا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة تم الكتاب الموسوم بخلاصة التنقيح في مذهب الحق الصريح في أواخر شهر رمضان في اليوم الثالث والعشرين منه من أحد شهور سنة ست وثمانمائة هجرية على يد مؤلفه العبد الغريق في بحور المعاصي الخائف يوم يؤخذ بالنواصي أحمد بن فهد بن حسن بن محمد بن إدريس الأحسائي حامدا لله تعالى ومصليا على رسوله وآله رب أختم بالخير وأعن) انتهى.

ص 398

(قلت) قد ذكر بعض الأصحاب أيضا أن لهذا الشيخ (ره) كتابا في الدعاء سماه (عدة الداعي) كشريكه وسميه الشيخ أحمد بن فهد الحلي (ره) وقد علمت أيضا أنهما اشتركا في التلمذ على العلامة الأمجد الشيخ أحمد بن متوج البحراني وشرحي الإرشاد مع اتحاد الاسمين والأبوين فهو من غرايب الاتفاقات والقبر الذي في كربلاء قريبا من الخيم الحسينية المشتهر أنه قبر ابن فهد قبر هذا الشيخ الأحسائي كما ذكره بعض الأصحاب وقيل قبر الشيخ الحلي سميه والله العالم تغمدهما الله برحمته وأفاض علينا وعلى آبائنا وعليهم وإخواننا سوابغ رضاه ومغفرته.

 

4 - الشيخ محمد بن أبي جمهور

 

(ومنهم قدس سرهم) الشيخ الفاضل المحقق الكامل المشهور الشيخ محمد ابن الشيخ حسن ابن الشيخ علي بن أبي جمهور الأحسائي وهو من العلماء المشهورين والفقهاء المتبحرين المذكورين قال في (اللؤلؤة) كان فاضلا مجتهدا متكلما له كتاب (غوالي اللئالي) جمع فيه جملة من الأحاديث إلا أنه خلط فيه الغث والثمين وأكثر فيه من أحاديث العامة ولهذا إن بعض مشائخنا لم يعول عليه وله كتاب شرح زاد المسافرين وكتاب المجلي على مذاق الصوفية وله شرح الباب الحادي عشر كان عندي فذهب فيما ذهب من كتبي وله رسالة في العمل بأخبارنا ورسالة في مناظرة الملا الهروي ومن مشائخه الشيخ علي بن ملاك الجزايري ذكره في (مجالس المؤمنين) أنه صحبه إلى كرك نوح (ع) من جبل عامل وقرأ عليه

ص 399

واستفاد منه في تلك الصحبة وذكر في الكتاب المذكور قدوم الشيخ بيت السيد محسن وتصنيف كتاب شرح زاد المسافرين لأجله كان في سنة ثمان وسبعين وثمانمائة بالتماس السيد منه وسماه (كشف البراهين في شرح زاد المسافرين) انتهى. (قلت): وقد ذكر هذا الشيخ أكثر من تأخر عنه ووصف علمه وعمله ولا سيما الفاضل المعاصر ثقة الإسلام النوري الطبرسي في كتاب (مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل) ووثقه وأثنى عليه ثناء جميلا وصحح كتبه ونقل أكثرها في كتابه المذكور لأن صاحب الوسائل لم يعول على الغوالي المذكور وله أيضا كتاب زيادة على ما ذكره في اللؤلؤة منها (الغوالي العمادية) بقدر الغوالي وهل هو بالمعجمة أو المهملة الأشهر الأول والمعاصر النوري الطبرسي ضبطه بالثاني والمعنى صحيح على الحرفين وله كتاب شرح ألفية الشهيد الأول مجلد رأيناه وله الإجازة للسيد محسن الرضوي عندنا وعندنا مناظرته مع الهروي حسنة جيدة والظاهر أن له غير ذلك أيضا فهو من العلماء الفضلاء الأتقياء النبلاء وكان والده الشيخ علي وجده الشيخ إبراهيم من العلماء الفضلاء وهو أيضا يروي عن أبيه المذكور قال في كتاب (غوالي اللئالي) في ذكر طرقه إلى مشائخه الطريق الأول عن شيخي وأستاذي ووالدي الحقيقي النسبي المعنوي وهو الشيخ الزاهد العابد العامل الكامل زين الملة والدين أبي الحسن ابن الشيخ الولي الفاضل التقي من بين أنسابه وأقاربه حسام الدين إبراهيم ابن المرحوم حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور (ره) الأحسائي تغمدهم الله برحمته وغفرانه واسكنهم بحبوحة جنانه انتهى. وذكرهما أيضا إجازته للسيد محسن بهذه الألفاظ ولم يذكر لأحد منهم ولا غيرهما مصنفا ولا كتابا لأنه بصدد طرقه إلى مشائخه خاصة.

ص 400

 

5 - الشيخ إبراهيم بن نزار

 

(ومنهم قدس سرهم) شيخ جده الشيخ إبراهيم وهو الشيخ النحرير قاضي قضاة الإسلام ناصر الدين الشهير بابن نزار الأحسائي وذكره أيضا في (غوالي اللئالي) وإجازته للسيد محسن الرضوي بهذه الألفاظ.

 

6 - الشيخ جمال الدين المطوع

 

(ومنهم قدس سرهم) الشيخ التقي الزاهد جمال الدين حسن الشهير بالمطوع الجرواني الأحسائي وقد ذكره أيضا في الغوالي والإجازة المذكورة بهذه الألفاظ رحمنا الله وآباءنا ومشائخنا وإياهم والمؤمنين برحمته الواسعة إنه أرحم الراحمين.

 

7 - الشيخ هاشم بن الحسين ابن السيد عبد الرؤوف

 

(ومنهم رحمهم الله تعالى) العالم الفاضل الشيخ العارف بالأصوليين السيد هاشم بن الحسين ابن السيد عبد الرؤف الأحسائي من مشائخ السيد الجليل

ص 401

السيد نعمة الله الجزائري صاحب (الأنوار النعمانية) و(شرح التهذيب) و(زهر الربيع) وغيرها يروي عن جملة من المشائخ العظام كالسيد نور الدين العاملي أخ صاحب المدارك والشيخ جواد الكاظمي شارح (آيات الأحكام) وشرحي (الزبدة) و(خلاصة الحساب) وغيرها، وعن الشيخ الفاضل الشيخ محمد الحرفوشي العاملي شارح الزبدة عن علي بن عثمان بن معمر الدنيا الهمداني الذي كان من أصحاب أمير المؤمنين وسيد المسلمين عليه السلام وللشيخ محمد الحرفوشي مع ملاقاته لعلي بن عثمان وإجازته قصة حسنة قال السيد السند السيد نعمة الله الجزائري (رض) (ولا بأس لو نقلنا كلامه بطوله لزيادة فوائده ومحصوله) قال: ومن المعمرين علي بن عثمان بن خطاب بن مرة بن مؤيد المغربي أبو الدنيا قال الصدوق (طاب ثراه): حدثنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصر الشجري قال حدثنا أبو بكر محمد بن الفتح الزكي وأبو الحسن علي بن الحسن ابن حمكا الملاشكي (ختن أبي بكر) قالا لقينا بمكة رجلا من أهل المغرب فدخلنا عليه مع جماعة من أهل الحديث ممن كان حضر الموسم في تلك السنة وهي سنة تسع وثلاثمائة فرأينا رجلا أسود الرأس واللحية كأنه شن بال وحوله جماعة من أولاد أولاد أولاده ومشائخ من أهل بلده ذكروا أنه من أقصى بلاد المغرب تعرف باهره العليا وشهدوا هؤلاء المشائخ إنا سمعنا من آبائنا حكوا عن آبائهم وأجدادهم إنا عهدنا هذا الشيخ المعروف بأبي الدنيا معمرا واسمه علي بن عثمان وذكر أنه همداني وأن أصله من صنعاء اليمن فقلنا له أنت رأيت علي بن أبي طالب فمال بيده ففتح عينيه وقد كان وقع حاجباه على عينيه ففتحهما فقال: رأيته بعيني هاتين وكنت خادما له وكنت معه في واقعة صفين وهذه

ص 402

الشجة من دابة علي (ع) وأرانا أثرها على حاجبه الأيمن وشهدوا الجماعة الذين كانوا حوله من المشائخ ومن حفدته وأسباطه له بطول العمر وأنهم منذ ولدوا عهدوه على هذه الحالة وكذا سمعنا من آبائنا وأجدادنا ثم إنا فاتحناه وسائلناه عن قصته وحاله وسبب طول عمره فوجدناه ثابت العقل يفهم ما يقال له ويجيب عنه بلب وعقل وذكر أنه كان له والد قد نظر في كتب الأوايل وقرأها وقد كان وجد فيها ذكر نهر الحيوان وأنها تجري في الظلمات وأن من شرب منها طال عمره فحمله الحرص على دخول الظلمات فتحمل وتزود حسبما قدر أنه يكتفي في مسيره وأخرجني معه وأخرج معنا خادمين بازلين وعدة أجمال لبون عليها روايانا وزادا وأنا يومئذ ابن ثلاثة عشر سنة فسار بنا إلى أن وافينا طرف الظلمات ثم دخلنا الظلمات فسرنا فيها نحو ستة أيام بلياليها وكنا نميز بين الليل والنهار بأن النهار يكون أضوء قليلا وأقل ظلمة من الليل فنزلنا بين جبال وأودية وذكوات وقد كان والدي وجد في الكتب التي قرأها أن مجرى نهر الحيوان في ذلك الموضع فأقمنا في تلك البقعة أياما حتى فني الماء الذي كان معنا وأسقينا جمالنا ولولا أن جمالنا كانت لبونا لهلكنا وتلفنا عطشا وقد كان والدي يطوف في تلك البقعة في طلب النهر ويأمرنا بأن نوقد نارا ليهتدي إليها إذا أراد الرجوع إلينا فمكثنا في تلك البقعة نحو من خمسة أيام ووالدي يطلب النهر فلا يجده وبعد الأياس عزم على الانصراف حذرا من التلف لفناء الزاد والماء، والخدم الذين كانوا معنا ضجروا وخشوا على أنفسهم فألحوا على والدي بالخروج من الظلمات فقمت يوما من الرحل لحاجتي فتباعدت من الرحل قدر رمية سهم فعثرت بنهر ماء أبيض اللون عذبا لذيذا لا بالصغير من الأنهار ولا بالكبير يجري جريا لينا فدنوت منه وغرفت منه بيدي غرفتين أو

ص 403

ثلاثا فوجدته عذبا باردا لذيذا فبادرت مسرعا إلى الرحل وبشرت الخدم بأني قد وجدت الماء فحملوا ما كان معنا من القرب والأداوات لنملأها ولم أعلم أن والدي في طلب ذلك النهر وكان سروري بوجود الماء لما كنا عدمنا الماء وفني ما كان معنا وكان والدي في ذلك الوقت مشغولا بالطلب فجهدنا وطفنا ساعة هوية على أن نجد النهر ولم نهتدي إليه حتى أن الخدم كذبوني وقالوا لي لم نصدق فلما انصرفنا إلى الرحل وانصرف والدي أخبرته بالقصة فقال لي يا بني الذي أخرجني إلى ذلك المكان وتحمل الخطر كان لذلك النهر ولم أذق منه ولم أرزق منه ورزقته أنت وسوف يطول عمرك حتى تمل الحياة ورحلنا منصرفين وعدنا إلى أوطاننا وبلدنا وكان قد عاش والدي بعد ذلك سنيات ثم توفي (ره) فلما قرب سني من ثلاثين سنة وكان اتصل بنا خبر وفاة النبي * صلى الله عليه وآله * ووفاة الخليفتين من بعده خرجت حاجا فلحقت آخر أيام عثمان، فمال قلبي من بين جماعة أصحاب رسول الله * صلى الله عليه وآله * إلى علي بن أبي طالب (ع) فأقمت معه أخدمه وشهدت معه وقائعه وفي وقعة صفين أصابتني هذه الشجة من دابته فما زلت مقيما معه إلى أن مضى لسبيله فالح علي أولاده وحرمه أن أقيم عندهم فلم أقم وانصرفت إلى بلدي وخرجت أيام بني مروان حاجا وانصرفت مع أهل بلدي وإلى هذه الغاية ما خرجت في سفر إلا أن الملوك في بلاد المغرب يبلغهم خبري وطول عمري فيشخصوني إلى حضرتهم ليروني ويسألوني عن سبب طول عمري وعما شاهدت وكنت أتمنى وأشتهي أن أحج حجة أخرى فحملني هؤلاء حفدتي وأسباطي الذين ترونهم حولي وذكر أنه سقطت أسنانه مرتين أو ثلاثة فسألناه أن يحدثنا بما سمعه من أمير المؤمنين عليه السلام فذكر أنه لم يكن له حرص ولا همة في العلم في وقت صحبته لعلي بن أبي طالب (ع)

ص 404

والصحابة أيضا كانوا متوفرين فمن فرط ميلي إلى علي بن أبي طالب (ع) ومحبتي له لم اشتغل بشيء سوى خدمته وصحبته والذي كنت أتذكره فما كنت قد سمعته منه فقد سمعه مني عالم من الناس ببلاد المغرب ومصر والحجاز قد انقرضوا وتفانوا وهؤلاء أهل بلدي وحفدتي قد دونوه فاخرجوا إلينا النسخة وأخذ يملي علينا من حفظه. حدثنا أبو الحسن علي بن عثمان أبي الدنيا قال حدثني علي بن أبي طالب قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قرأ (قل هو الله أحد) مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي القرآن ومن قرأها ثلاثا فكأنما قرأ القرآن كله وهذا الرجل ساكن في المغرب في طنجة. وحدث أبو الدنيا قال حضرت مع علي (ع) الجمل وصفين وكنت بين الصفين يومئذ واقفا عن يمينه إذ سقط سوطه (ع) من يده فأكببت عليه لآخذه وأدفعه إليه وكان لجم دابته حديدا مدمجا فرفع الفرس رأسه فشجني هذه الشجة التي في صدري فدعاني أمير المؤمنين (ع) إليه فتفل فيها وأخذ بيده حفنة من تراب فتركه عليها فوالله ما وجدت لها ألما ولا وجعا أبدا قال ثم أقمت معه حتى قتل صلوات الله وسلامه عليه ثم صحبت بعده ابنه أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام حين ضرب على فخذه بساباط المدائن ثم بقيت معه في المدينة المنورة أخدمه حتى مات الإمام الحسن عليه السلام مسموما ثم خرجت مع الحسين بن علي عليه السلام بعد وفاة أخيه حتى حضرت معه كربلاء فقتل عليه السلام فخرجت هاربا ببدني وأنا مقيم في المغرب أنتظر خروج القائم المهدي عجل الله فرجه وسهل مخرجه وخروج عيسى بن مريم عليه السلام. قال أبو محمد العلوي رضي الله عنه ومن عجيب ما رأيت من هذا الشيخ

ص 405

علي بن عثمان وهو يحدث فنظرت إلى لحيته وعنفقته فقال ما ترون هذا يصيبني إذا أنا جعت فإذا شبعت رجعت إلى سوادها فدعا بالطعام فأكل أكل شاب فاسودت عنفقته شيئا فشيئا حتى رجعت إلى سوادها. قال مؤلف الكتاب (رض) حدثني أوثق مشائخي السيد هاشم الأحسائي (رض) في شيراز في مدرسة الأمير محمد عن شيخه العادل الثقة الورع الشيخ محمد الحرفوشي أعلى الله مقامه في دار المقامة أنه دخل يوما مسجدا من مساجد الشام وكان مسجدا عتيقا مهجورا فرأى رجلا حسن الهيئة في ذلك المسجد فأخذ الشيخ في المطالعة في كتب الحديث ثم إن ذلك الرجل سأل الشيخ عن أحواله وعن من نقل الحديث عنهم فأخبره الشيخ عن مشائخه قال إن الشيخ سأله عن أحواله وعن مشائخه قال ذلك الرجل: أنا معمر أبو الدنيا وأخذت العلم عن علي بن أبي طالب عليه السلام وعن الأئمة الطاهرين عليهم السلام وأخذت فنون العلوم عن أربابها وسمعت الكتب من مصنفيها فاستجازه الشيخ في كتب الأحاديث الأصول وغيرها وفي كتب العربية والأصول فأجازه وقرأ عليه الشيخ بعض الأخبار في ذلك المسجد توثيقا للإجازة فمن ثم كان شيخنا الثقة قدس سره يقول له يا بني إن سندي إلى المحمدين الثلاثة وغيرهم من أهل الكتب قصير فإني أروي عن الفاضل الحرفوشي عن معمر أبي الدنيا عن الإمام أمير المؤمنين علي (ع) وكذا إلى الصادق وإلى كاظم (ع) إلى آخر الأئمة (ع) وكذا روايتي لكتب الأصول مثل الكافي والتهذيب ومن لا يحضره الفقيه وأجزتك أن تروي عني بهذه الإجازة فنحن نروي الكتب الأربعة عن مصنفيها بهذا الطريق.

ص 406

 

8 - الشيخ أحمد بن زين الدين

 

(ومنهم) قدس سرهم العالم العلامة الفاضل الفهامة الوحيد في علم التوحيد وأصول الدين الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي المطيرفي (1) وهو صاحب جوامع الكلم مجلدان كبيران مشتملان على جملة من الرسائل وكثير من التحقيقات الرشيقة وأجوبة المسائل وله شرح الزيارة الجامعة الكبرى وله شرح العرشية والمشاعر للملا صدر الدين الشيرازي (ره) تعرض فيما عليه وعلى تلميذه الملا محسن الكاشاني (ره) وله جملة من المصنفات الأنيقة والتحقيقات الرشيقة وحاله أشهر من أن يذكر وأظهر من أن يشهر وقد ذكر أحواله بالبسط والبيان السيد المعاصر السيد محمد باقر الأصفهاني في كتابه (روضات الجنات) من أراده يقف عليه وغيره في غيره توفي (قده) مهاجرا لزيارة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأئمة البقيع عليهم السلام سنة اثنين وأربعين ومائتين وألف من الهجرة وله الإجازة من جملة من المشائخ العظام وأساطين الإسلام منهم السيد السند بحر العلوم ومجدد آثار الإيمان والرسوم السيد محمد مهدي الطباطبائي والسيد الأجل السري السيد مير علي الطباطبائي صاحب (الرياض) والشيخ الأفخر الشيخ جعفر كاشف الغطاء وابنه الأجل الأنور الشيخ موسى والعلامة المشهور الشيخ حسين آل عصفور وأخيه الأسعد الشيخ أحمد ابن الشيخ محمد آل عصفور والسيد الأجل الأمجد

(هامش)

(1) المطيرفي قرية من قرى الأحساء في جهة الشمال منها كثيرة المياه. (*)

ص 407

السيد محمد الشهرستاني والفاضل الأمجد الشيخ أحمد ابن العالم الرباني الشيخ حسن الدمستاني وغيرهم قدس الله أرواحهم ونور أشباحهم وقد وقفت على أكثر إجازاتهم له وفيها تفخيم له عظيم ومدح جسيم (1) ويروي عنه جماعة من فحول العلماء منهم المحقق الفاخر الشيخ محمد حسن (صاحب الجواهر) والسيد كاظم الرشتي والمحقق الحاج إبراهيم الكرباسي صاحب الإشارات وغيرهم (2) قدس الله أرواحهم.

 

9 - ابنه الشيخ على نقي

 

(ومنهم قدس سرهم) ابنه الشيخ الفاضل العلي الشيخ علي نقي ابن الشيخ أحمد بن زيد الدين الأحسائي (المتقدم ذكره) كان فاضلا محققا مدققا إلا أنه لم تطل أيامه بعد أبيه له كتب منها شرح رسالة الإمام الهادي (ع).

(هامش)

(1) وله يد قوية في الشعر رأيت له جملة من القصائد الرثائية في غاية الجودة بخط ابنه محمد تقي وهو غير الشيخ علي نقي المذكور بعده، وخطه في غاية الحسن ولا أعرف علمه حتى أصفه (حسين ابن المؤلف). (2) توفي (ره) في سنة 1342 هج‍. وقد ضمن تاريخ وفاته في بيت شعر حسن قال ناظمه طاب ثراه. فزت بالفردوس فوزا * يا بن زين الدين أحمد (حسين ابن المؤلف) (*)

ص 408

أيضا له تحقيقات في دفع اعتراضات وإيرادات على والده وله كتاب المحجة في الإمامة مجلد كبير، هذا الذي رأيته والظاهر أن له غيره والله أعلم ولا أدري بتاريخ وفاته ولا بموضع قبره (قدس سره) وأما الكلام فيه وفي أبيه والسيد كاظم والجماعة المعروفين بالشيخية وهم المنسوبون للشيخ أحمد بن زين الدين واعتقادهم صحة وفسادا فلست أحكم في شيء من ذلك إلا صحة الانتماء لمذهب الأئمة الأمناء (عليهم السلام) والإقرار بمحبتهم ومودتهم والتمسك بولايتهم والالتزام بأحكامهم وحلالهم وحرامهم وهو أصل أصيل متين: وأما ما ينافي ذلك فالفقير عاجز عن فهم كلامهم على اليقين بحيث أفهم منه ما يهدم ذلك الأصل المتين وأدين بذلك رب العالمين فحيث كنت عاجزا عن فهم ذلك ولم يتضح لي غير ما هنالك فالأصل باق على حاله من الموالات لأولياء الله والمعادات لأعداء الله حيث عجزت ولم أصل إلى ما ينافيه ولم يهدم ظاهره وخافيه وأما التقليد في المقام (1) مع

(هامش)

(1) أقول: للعلامة الأوحد الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء (ره) كلام متين في حق الشيخ أحمد بن زين الدين لا بأس بنقله (قال ره): كان الشيخ أحمد (ره) في أوائل القرن الثالث عشر وحضر على السيد بحر العلوم وكاشف الغطاء وله منهما إجازة تدل على علو مقامه عندهم وعند سائر علماء ذلك العصر ثم لما انتشرت كتبه ومؤلفاته بعد وفاته اختلف الناس فيه بين غال وقال بين من يقول بركنيته وبين من يقول بكفره والمتوسط خير الأمور والحق أنه رجل من أكابر علماء الإمامية وعرفائهم وكان على غاية من الورع والزهد والاجتهاد في العبادة كما سمعناه ممن نثق به ممن عاصره ورآه نعم له كلمات (*)

ص 409

ثبوت الأصل وعدم ثبوت القاطع له وظهور المرام كما يصنعه كثير من العوام فهو غير تام نعم من ظهر له الفساد بتتبع واجتهاد من الأدلة التي نصبها لعبادة رب العباد من غير عصبيته أو تقدم شبهة وعناد فيترتب عليه الآثار من الفساد وهذا كلام من لزم جادة الإنصاف وتجنب العصبية والاعتساف والمؤمن يجب عليه الاشتغال بعيوب نفسه فيصلحها وبذنوبه فيتوب ويتنصل منها (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وقد تكلمنا عند الكلام على الملا محسن الكاشاني في باب علماء القطيف بكلام له دخل بهذا المقام فيه شفاء من الأسقام وبالجملة فاليقين لا ينقض بالشك وإنما ينقض بيقين مثله كما هو القاعدة المسلمة بالأدلة الصحيحة المحكمة والله ولي التوفيق وإليه تصير الأمور نسأله تعالى حسن الختام والفوز بدار السلام والحلول في دار المقام بحق محمد وآله الطاهرين الكرام عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام.

 

10 - الشيخ عبد المحسن اللويمي

 

(ومنهم قدس سرهم) الفاضل المحقق الكامل الشيخ عبد المحسن بن

(هامش)

في مؤلفاته بجملة متشابهة لا يجوز من أجلها التهجيم والجرأة على تكفيره بها ولكن تلميذاه الكرماني والرشتي خرجا عن الجادة القويمة وزاغا زيغا عظيما ولكن لا أدري هل بلغ ذلك إلى حد الكفر والخروج عن الدين أم لا، أدخلا على الشيعة الإمامية أشد فتنة وأعظم بلية ومنهما نشأت بلية البابية. (حسين ابن المؤلف) (*)

ص 410

محمد بن مبارك اللويمي الأحسائي (1) من العلماء الأعلام ذوي النقض والإبرام له جملة من المصنفات ذكرها في إجازته لولده وللشيخ سليمان آل عبد الجبار والشيخ علي ابن الشيخ مبارك آل حميدان الخطي الجارودي وسيأتي تفصيلها وله الرواية عن جملة المشايخ الكرام أركان الإسلام منهم العلامة الفهامة المشهور الشيخ حسين آل عصفور والفاضل الشيخ أحمد ابن العلامة الشيخ حسن الدمستاني البحراني وعن جملة من مشايخ العراق والعجم منهم بعض من قدمناه ذكره ومنهم العلامة الولي بحر العلوم الطباطبائي القدوسي (قده) ومنهم السيد الفاضل السيد مهدي الشهرستاني الحائري وغيرهم ذكر في إجازته المذكورة جملة من مشائخه الذين أجازوه عربا وعجما وهم كثيرون ذكرنا بعضهم فيما تقدم وله مصنفات ذكرها في إجازته وسنذكرها على ترتيبه قال رحمه الله تعالى: ومما صنفت شرح العوامل الجرجانية وشرح الرسالة الآجرومية وكفاية الطلاب المودعة بدائع علم الإعراب نظما وشرحا ورسالة وفي التجويد والتحفة في تعزية أهل العصمة والرسائل الثلاث في الصلاة الصغيرة والوسطى والكبيرة ووفاة النبي يحيى (ع) ووفاة الكاظم (ع) ووفاة الحسن بن علي (ع) وجامع الأصول عن أهل الوصول والنهج القويم والصراط المستقيم أسأل الله تعالى التوفيق لإتمامه فقد برز منه في الأصولين مجلد ومجلد في الصلاة ورسالتان في معرفة أحوال الرجال الذين لم يعرف لهم حال

(هامش)

(1) هذا الشيخ المتقن الشيخ عبد المحسن (قدس سره) من القرية المعروفة بالبطالية وتعرف أيضا بالبلاد وقد كانت أكبر مدن الأحساء وأصلنا القديم منها ومسجد الشيخ المذكور إلى الآن معروف كائن في فريق من فرقانها. (حسين ابن المؤلف) (*)

ص 411

(انتهى كلامه علا مقامه). (قلت): وله الإجازة الكبيرة التي ذكرناها وختمها بأربعين حديثا بدأ فيها بالأصول الخمسة أولا ثم الطهارة ثم الصلاة ثم الزكاة وهكذا على ترتيب الفقهاء وشرحها شرحا جيدا منقحا ولم أقف له على غيرها والتحفة المذكورة وهي التحفة الحسينية المشهورة موجودة وهو في طرفنا كتاب حسن جيد. وأما ابنه المذكور في إجازته فلم أطلع على شيء من أحواله بل حتى أبوه المذكور إلا ما استفدته من إجازته المذكورة وهو قد سكن في قرية (دسترجن) من بلاد إيران ومر به المشائخ المذكورون زوارا لضامن الجنان عليه وآبائه الطاهرين وأبنائه المعصومين صلوات الملك الرحمن وهو قاطن فيها فاستجازوه وأجازهم وقد شرك ابنه المذكور معهم وهم ثلاثة أو أربعة كلهم من علماء أهل القطيف شكر الله مساعيهم الجميلة وأفاض علينا وعليهم رحماته الجزيلة وخيراته الكثيرة الجليلة بحق محمد المصطفى الأمين وآله الطاهرين الميامين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

 

11 - الشيخ أحمد الأحسائي

 

(ومنهم قدس سرهم) العالم الفاضل الأسعد الشيخ أحمد ابن الشيخ محسن الأحسائي قال في وصفه سبطه الشيخ موسى: العالم العابد جامع شتات المفاخر والمحامد من ضم إلى الإحاطة بالعلوم الشرعية زهدا وافيا وورعا شافيا ذو الأخلاق الكريمة والسجايا القويمة الإمام المقدس العلامة الشيخ أحمد ابن الشيخ محسن

ص 412

الأحسائي انتهى. وقفت له على رسالة حسنة في الجهر والإخفات بالبسملة والتسبيح في الأخيرتين وثالثة المغرب ورسالة في حجية ظواهر الكتاب الكريم وحواشي على تهذيب الأحكام وبعض الفوائد والنوادر ومن جملة تلك الفوائد بخط سبطه الشيخ موسى فائدة تحريم الدم مما علم بالضرورة من الدين ولكن حيث قد شربه الحجام متبركا بدم النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يكن عالما بالتحريم على هذا الوجه لم يخطئه النبي (صلى الله عليه وآله) بل جعل ذلك سببا لنجاته من النار ففيه دلالة على ما أشرنا إليه في بعض كتبنا أن الجاهل معذور وإنما تكون المعصية معصية إذا قصد المخالفة ثم قال: تلك الدماء أراقتها أمية بعد * العلم فاستوجبوا التخليد في النار سيعرضون بيوم لا حلاق لهم * فيه وحاكمه الهادي على الباري انتهى كلامه (ره) ومن فوائده قال: فائدة في (ثواب الأعمال) عن مولانا الباقر (ع) قال: إن عابدا عبد الله تعالى ثمانين سنة ثم أشرف على امرأة فوقعت في نفسه فراودها عن نفسها فتابعته فلما قضى منها حاسبته طرقه ملك الموت فاعتقل لسانه فمر سائل فأشار إليه أن يأخذ رغيفا كان في كسائه فأحبط الله عمل ثمانين سنة بتلك الزنية وغفر له بذلك الرغيف فانظر يا أخي شدة عقاب الزنا وعظم ثواب الصدقة ثم قال (ره) شعرا: فإياك إياك الزناء فإنه * سواد لوجه العبد دنيا وآخره ومقت من الباري فيا بعد ماقت * من الله لا يلقى من الأرض ناصره وكن باذلا ما استطعت في الله موقنا * بحسن الجزا فاجهد ولا تخش فاقرة فكم من فتى قد جاءه الموت عاجلا * وأعطى فأحياه الإله وآثره

ص 413

توفي (قدس سره) سنة 1247 هج‍. سبع وأربعين ومأتين وألف هجرية خرجوا من الأحساء وسكنوا الدورق وفيها ذريته وأبوه الشيخ محمد وجده الشيخ محسن وجد أبيه الشيخ علي، بنقل سبطه الشيخ موسى كلهم علماء فضلاء وكذلك الفاضل الشيخ حسن وابنه الشيخ موسى من علماء ووقفت على بعض الكتابة العلمية للشيخ حسن تدل على فضله وعلمه وأما الشيخ موسى فلم أقف له على شيء سوى بعض الإفتخار بالأشعار البليغة في الإفتخار قال: فلست ترى منا سوى كل سيد * بصير بطرق المجد جم المحامد يصد عن الدنيا إذا عن سؤدد * ولو برزت في زي عذراء ناهد وكل أبي لو تجرد عزمه * لزالت بأدناه رواسي القواعد له في بيوت المجد صرح مشيد * يحج إليه وافد بعد وافد يقول له المجد الأثيل لأنت في * فنون المعالي واحد أي واحد لوجهك في الاحسان بسط وبهجة * أنالهماه تقو أكرم والد وهي كثيرة وله في المناجات والتوسل بالنبي (صلى الله عليه وآله) وآله (ع) الهداة عليهم من الله أفضل التسليم والصلوات قوله: إذا لاقيت ربي يوم حشري * وناقشني بما قد كنت جاني ولم يك من فعالي لي شفيعا * وصار علي ما اكتسب اليدان أخذت بحجزة الهادي شفيعا * وحجزة آله وهم أماني وقلت لسيدي الجبار: ها قد * علقت بهؤلاء كما تراني فما لي غير فضلك من شفيع * وكنت لهؤلاء ثاني العنان محبا تابعا عبدا بريئا * بذا انطبق اللسان على الجنان

ص 414

فإن تصفح لأجلهم فأهل * وإن عذبت أني أي جاني.

 

12 - الشيخ محمد حسين آل أبو خمسين

 

(ومنهم) العالم العامل العابد الكامل الأمين الشيخ محمد حسين ابن الشيخ آل أبو خمسين الأحسائي كان من العلماء الأبرار والفضلاء الأخيار من المعاصرين ولم أره، له شرح على إرشاد العلامة مبسوط وله شرح على تبصرة العلامة ولا أدري هل أتمها أم لا؟ لم أرهما بل سماعا من مطلعين وله الرسالة العلمية الكبرى سماها منار العارفين: وله الرسالة الصغرى سماها (مصباح العابدين) بلغ من العمر ما يقرب من تسعين سنة وتوفي (قدس سره) سنة 1316 هج‍ ستة عشر وثلثمائة وألف هج‍.

 

13 - السيد هاشم الأحسائي

 

(ومنهم) السيد السند والركن المعتمد ذي الماثر والمكارم السيد هاشم ابن السيد أحمد الأحسائي من المعاصرين ولم أجتمع به كان (رحمه الله تعالى) من العلماء الربانيين والفضلاء المبرزين والكرماء الأجودين له السجايا الحميدة والمزايا الحسنة السديدة والكمالات العديدة فهو ورقة من تلك الشجرة الطيبة الأحمدية ونبقة من الدوحة الزكية العلوية والزيتونة الفاطمية، قد جمع بين العلم

ص 415

والعمل والكرم والتقوى الذين ليس فيه خلل رأيت له في النجف الأشرف عند بعض تلامذته كتابا جليلا في أصول الفقه وفروعه من الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والخمس والحج والجهاد حسن جيد جزل العبارة جيد الإشارة مجلد ضخم وله رسالة عملية كبرى في الطهارة والصلاة وله رسالة صغرى كذلك وله بعض الأجوبة في التوحيد والظاهر أن له غير ذلك ولم أقف عليه توفي (قدس سره) سنة 1339 هج‍. تسع وثلاثين وثلثمائة وألف هج‍. وله ولد فاضل عالم كامل فاخر اسمه السيد ناصر ذو ذهن وقاد وفضل في ازدياد في النجف الأشرف يشتغل بتحصيل العلوم وإحياء الرسوم رأيته في سفر زيارتي وتشرفي بسادتي أدام الله بقاه ووفقنا وإياه والمؤمنين لرضاه وتقواه آمين.

 

14 - الشيخ محمد آل عيثان الأحسائي

 

(ومنهم) العالم العامل الفاضل الأواه الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الله آل عيثان الأحسائي كان (سلمه الله تعالى) عالما فاضلا مجتهدا كاملا اشتغل مدة مديدة تقرب من ثلاثين سنة أو تزيد في النجف الأشرف وأجازه جملة من علمائها وبعض من أهل كربلاء ثم رجع إلى الأحساء بعد وفاة والده من المعاصرين له من المصنفات رسالة في معاني الحروف وله شرح رضاعية السيد مهدي القزويني وله الرسالة العملية في الطهارة والصلاة وله أجوبة مسائل ولا أدري هل له غير هذا أم لا وكان أيده الله تعالى من بيت علم وكثير من آبائه علماء فضلاء.

ص 416

يقول الأحقر حسين ابن المؤلف قدس سره: (توفي قدس سره) ونور قبره سنة 1331 هج‍. وقد أرخ عام وفاته أخوه الكامل المؤتمن الشيخ حسن بقوله: علامة العلماء ألبس رزؤه * كل الأنام من الأسى جلبابا لهفي على قمر تكور نوره * في الأرض واتخذ التراب حجابا وغدت تنوح لفقده أم العلا * مذ أرخوه (فيالبدر غابا).

 

15 - الشيخ عبد الله بن رمضان

 

(ومنهم) الفاضل الأديب الماهر الشيخ عبد الله بن رمضان الأحسائي كان رحمه الله تعالى من العلماء العابدين والأدباء الكاملين له القصيدة الكبيرة النونية المسماة بخير الوصية المشتملة على ذكر أكثر الواجبات والمندوبات والمحرمات عملها وصية لابنه الشيخ علي وإخوانه وقد أجاد في أولها: هي الدار دار العنا والمحن * ودار الفناء ودار الفتن وهي طويلة جيدة.

 

16 - ابنه الشيخ علي الأحسائي

 

ومن أدبائها وعلمائها ابنه الشيخ علي من العلماء العاملين والعباد

ص 417

المعروفين وله يد قوية في الشعر قتل شهيدا في الأحساء في ملك الوهابية ظلما وعدوانا كما قتلت ساداته خير الخلق فضلا وشأنا.

 

17 - الملا علي بن رمضان الأحسائي

 

(ومن أهل هذا البيت) الأديب الشاعر الملا علي بن رمضان القاري المعاصر له شعر كثير في المدائح والمراثي وسمعت بعضه ونقل أن له روضة على الحسين (عليه السلام) يعني قصائد في الرثاء على جميع حروف الهجاء وله في رثاء النبي صلى الله عليه وآله ورثاء الزهرا والأئمة جميعا مراثي كثيرة مكررة توفي رحمه الله تعالى سنة 1323 هج‍ ثلاث وعشرين وثلثمائة وألف (1) هجرية.

(هامش)

(1) أقول له كشكول حسن ظريف فيه من كل شيء لطيف مجلدان كبيران رأيت المجلد الثاني عند الكامل الذكي الأسعد السيد عبد علي ابن المرحوم السيد أحمد التويثري الأحسائي واستعرته منه ونقلت منه لطائف وأشعار في كشكولي المختصر المسمى: (فرحة القلوب) وهذا السيد أعني السيد عبد علي المذكور من السادة الأجلاء الموسويين نسبهم الشريف ينتهي للسيد إبراهيم المجاب المدفون بكربلاء ولهم نبوغ في مهر قرية من قرى فارس وفي القديح قرية من القطيف وهم المعروفون بالخضاروه وفي العراق وهم المعروفون ببيت أبي طبيخ وعميدهم الآن السيد الجليل المؤتمن السيد حسن والسيد المذكور السيد عبد علي من طلبة العلم وهو ذكي زكي تقي كامل ذو ذهن وقاد إلا أن ابتلاءات الزمان أقعدته عن الترقي حفظه الله وأبقاه. حسين ابن المؤلف (*)

ص 418

 

18 - الشيخ عبد الله الأحسائي

 

(ومن أدبائها الكاملين وقرائها الخيرين) الشيخ عبد الله بن علي الأحسائي (رحمه الله تعالى) كان من الأخيار الأتقياء الأبرار ومن شعراء أهل البيت الأطهار (عليهم السلام) له ديوان شعر في مجلدين أو أكثر وله القصيدة الهائية الكبيرة التي جاري بها المرحوم الأديب الشيخ كاظم الأزري في قصيدته المشهورة بالألفية وهي: لمن الشمس في قباب قباها * شف جسم الدجا بروج ضياها تبلغ ثلاثة آلاف أو تزيد ذكر فيها جملة من الفضائل وجملة من المغازي جيدة وأكثر أشعاره في مراثي الحسين (ع) وأنصاره عليهم السلام من المعاصرين توفي (ره) في سيهات قرية من قرى القطيف وصلى عليه شيخنا العلامة أفاض الله علينا وعليهما شآبيب اللطف والكرامة.

 

19 - الشيخ محمد الأحسائي

 

(ومنهم) الفاضل الأسعد الشيخ محمد ابن الشيخ حسين بن خليفة الأحسائي (ره) من فضلائها الأخيار اشتغل مدة مديدة في النجف الأشرف ورجع إلى الأحساء ولها شرف: سمعت أن عنده إجازات من بعض علماء النجف

ص 419

ولم أسمع له بشيء من المصنفات وفقنا الله وإياه وإخواننا المؤمنين لخير الدنيا والدين.

 

20 - الشيخ موسى أبو خمسين

 

(ومن علمائها المعاصرين) الشاب الأسعد العالم الكامل المؤيد الشيخ موسى ابن الحاج عبد الله أبو خمسين.

 

21 - الشيخ طاهر أبو خمسين

 

وابن عمه العالم الفاخر الشيخ طاهر ابن الشيخ محمد أبو خمسين (المتقدم ذكره).

 

22 - الشيخ عبد الحميد أحسائي

 

المهذب الأديب السعيد الشيخ عبد الحميد وكان ذا ذهن وقاد وفضل في ازدياد إلا أن الدهر ذو غير أصابه في عقله وكدر.

 

23 - الشيخ عمران

 

(ومنهم) ذو الإيمان الشيخ عمران وغيرهم لم أعرف أكثرهم كثر الله أمثالهم وأصلح بالنا وبالهم وأحسن أحوالنا وأحوالهم إنه كريم رحيم تواب حليم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطاهرين كل آن وحين. انتهى الكتاب بعون الملك الوهاب

ص 420

 

كلمة الختام

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية سيدنا وإمامنا علي أمير المؤمنين وبأولاده المعصومين - عليهم سلام رب العالمين. وله الشكر على توفيقه إياي لإنجاز تصحيح هذا السفر الجليل: (أنوار البدرين) هذا الكتاب الذي ضم بين دفتيه جملة وافرة من تراجم علماء القطيف والأحساء والبحرين. - تغمدهم الله برحمته واسكنهم فسيح جنته. وقبل أن أختم الكتاب هذا بكلمتي القصيرة - هذه - أود أن أعرب عن شعوري تجاه العلامة الشيخ حسين القديحي - نجل المؤلف (ره) وأشكره على قيامه بهذا العمل الصالح - طبع هذا الكتاب وإحياء ذكر العلماء السالفين (رحمهم الله) به - أسأله تعالى أن يجزيه عن عمله هذا خير جزاء المحسنين. كما أسأله تعالى أن يوفقني وإياه لخدمة الدين الإسلامي والأمة المحمدية وأن يشملني وإياه سعة رحمته ويجعلنا عنوان قوله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وأن الله لمع المحسنين.

المصحح

أقل الطلبة

محمد على محمد رضا الطبسي

النجف الأشرف في

يوم الخميس 28 / 4 / 1380 هـ

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

انوار البدرين

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب