ص 43
وفيه أنه لا يدل على الاشتراط وإنما وقعت المجالس اتفاقا، والغرض
* (هامش) *
= منكم أن يأتي بعض هذه الفواحش فيفضح نفسه على رؤس الملا أفلا تاب في بيته فوالله
لتوبته فيما بينه وبين الله أفضل من إقامتي عليه الحد. ثم أخرجه ونادى في الناس يا
معشر المسلمين اخرجوا ليقام على هذا الرجل الحد ولا يعرفن أحدكم صاحبه فأخرجه إلى
(الجبان). فقال: يا (أمير المؤمنين) انظرني أصلي ركعتين ثم وضعه في حفرته واستقبل
الناس بوجهه. فقال: يا معاشر المسلمين، إن هذا حق من حقوق الله فمن كان في عنقه حق
فلينصرف ولا يقيم حدود الله من في عنقه حد فانصرف الناس. فأخذ حجرا فكبر ثلاث
تكبيرات، ثم رماه (الحسن) عليه السلام بمثل ما رمى (أمير المؤمنين) عليه السلام، ثم
رماه (الحسين) عليه السلام بمثل ما رماه (أمير المؤمنين) عليه السلام فمات الرجل.
فأخرجه (أمير المؤمنين) عليه السلام فأمر فحفر له وصلى عليه ودفنه فقيل: يا (أمير
المؤمنين) ألا تغسله. فقال: قد اغتسل بما هو طاهر إلى يوم القيامة لقد صبر على أمر
عظيم. نفس المصدر ص 188 - 189. الحديث 2. (1) أي وفي الاستدلال بخبر (ماعز بن مالك)
على لزوم الإقرار في أربعة مجالس إشكال، لعدم دلالته على الاشتراط المذكور، بل وقوع
المجالس متعددا كان على سبيل الاتفاق. ببيان أن إعراض (الرسول الأعظم) صلى الله
عليه وآله عن (ماعز) بعد إقراره الأول، ثم إعراضه عنه بتحول وجهه بعد إقراره
الثاني، ثم إعراضه عنه بتحول وجهه بعد إقراره الثالث وأن تحول ماعز نحو النبي صلى
الله عليه وآله في كل مرة كان يحول صلى الله عليه وآله وجهه عنه حين إقراره بالزنا
- صار سببا لحصول تعدد المواضع، لأنه حصل بهذا النحو من التحول تعدد المجالس حتى
يقال = (*)
ص 44
من تأخيره (1) إتيانه بالعدد المعتبر. *
(هامش) *
= باشتراط تعدده في الإقرار والاعتراف بالزنا. ولا يخفى أنه لو سلمنا تعدد المواضع
كما افاده (شيخنا الشهيد الثاني) قدس سره. لكنه لا يدل على تعدد المجالس كما عرفت.
ثم إن سلمنا تعدد المجالس. لكنه لا يدل على كونها أربعة، بل كانت المجالس ثلاثة كما
عرفت مفصلا. (1) أي الغرض من تأخير (الرسول الأعظم) صلى الله عليه وآله (ماعزا) عن
قبول إقراره إنما كان لأجل استكمال العدد المعتبر في الإقرار، لا لكون تعدد المجالس
شرطا في الإقرار. ولا يخفى أن تأخير (الرسول) صلى الله عليه وآله (ماعزا) وإعراضه
عنه إنما كان لأجل زجره عن الإقرار حتى لا يجري عليه الحد ويحتفظ نفسه لئلا تزهق
ويراق دمه، ويتوب بينه وبين الله عز وجل، وليري صلى الله عليه وآله الأمة الإسلامية
خاصة، والمجتمع البشري عامة احترام الدم والنفس، وأنه لا يجوز إراقة الدماء والنفوس
إلا بالحق والعدل، ولهذا كان صلى الله عليه وآله يعلل ويقول له: لعلك غمزت. لعلك
لامست لعلك قبلت. إلى آخر ما علله صلى الله عليه وآله حتى يرجعه عن قوله. ورأيت في
الحديثين المذكورين في الهامش السابق كيفية تأخير (الإمام أمير المؤمنين) عليه
الصلاة والسلام المقر والمعترف عن إجراء الحد عليه حتى لا يراق دمه، ويحتفظ على
نفسه، وليعلم المجتمع الإسلامي على كيفية المحافظة على دماء الناس ونفوسهم، وأنه لا
يجوز إراقتها إلا بالحق وقد قال الله تعالي: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في
الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) المائدة: الية
32. (*)
ص 45
(ويكفي) في الإقرار به (إشارة الأخرس) المفهمة يقينا كغيره (1) ويعتبر تعددها (2)
أربعا كاللفظ بطريق أولى (3)، ولو لم يفهمها (4) الحاكم اعتبر المترجم، ويكفي
اثنان، لأنهما شاهدان على إقرار (5)، لا على الزنا (ولو نسب) المقر (الزنا إلى
امرأة) معينة كأن يقول: زنيت بفلانة (أو نسبته (6) المرأة المقرة به (7) (إلى رجل)
معين بأن تقول: زنيت بفلان (وجب) على المقر (حد القذف) لمن نسبه اليه (بأول *
(هامش) *
(1) أي كغير الزنا من العقود. اليقاعات. والأقارير التي تكفي فيها إشارة الأخرس.
(2) أي تعدد الإشارة من الأخرس كما يعتبر تعدد الشهادة اللفظية. (3) دفع دخل، حاصل
الدخل: إن القدر المتيقن من التعدد الوارد إنما هو فيمن يقر بلسانه، لا بالإشارة.
فإذا شككنا في لزوم إتيان التعدد في الأخرس نفيناه بالأصل إذن لا يعتبر التعدد في
الأخرس. والجواب: إنه لا مجال هنا في الشك، لمكان الأولوية فيه، لأن اعتبار التعدد
في الذي يفهم منه الإقرار باللسان إذا كان شرطا ففي الأخرس الذي لا يفهم منه بطريق
أولى. (4) أي الإشارة من الأخرس. (5) أي على إقرار الأخرس، لا على أصل الفعل وهو
الزنا حتى يحتاج إلى أربعة شهود. (6) أي نسبت المرأة الزنا. (7) أي بالزنا.
والمعنى: إن المرأة المقرة بالزنا في قولها: إني زنيت لو نسبت الزنا إلى رجل معين.
(*)
ص 46
مرة) (1)، لأنه قذف صريح، وايجابه (2) الحد لا يتوقف على تعدده. (ولا يجب) على
المقر (حد الزنا) الذي أقر به (إلا بأربع مرات) كما لو لم ينسبه إلى معين (3)، وهذا
(4) موضع وفاق، وإنما الخلاف في الأول (5). ووجه ثبوته (6) ما ذكر (7) فإنه قد رمى
المحصنة أي غير المشهورة بالزنا، لأنه (8) المفروض، ومن (9) أنه إنما نسبه إلى نفسه
بقوله: *
(هامش) *
(1) أي بإقرار واحد وإن لم يكمل الأربعة. (2) أي إيجاب القذف الحد لا يتوقف على
تعدد القذف، بل بمجرد الإقرار الواحد يقام عليه الحد. (3) أي إلى شخص معين. (4) وهو
عدم ثبوت حد الزنا في الإقرار مرة واحدة موضع وفاق بين الفقهاء، ولا خلاف بينهم.
(5) أي وإنما خلاف الفقهاء في الأول وهو إقرار الرجل بالزنا بامرأة معينة أو إقرار
المرأة بالزنا بالرجل المعين مرة واحدة. في أن المقر، أو المقرة هل يستوجب حد القذف
بمجرد الإقرار مرة واحدة أم لا. (6) أي دليل ثبوت حد القذف في المقر، أو المقرة
بالزنا بمجرد الإقرار الواحد (7) وهو قول (الشارح): لأنه قذف صريح. فهذه الجملة
(لأنه قذف صريح) دليل لثبوت الحد على المقر، أو المقرة بالزنا بمجرد الإقرار
الواحد. (8) أي عدم الشهرة بالزنا هو المفروض في المقام، لأنها لو كانت مشهورة
بالزنا لا يحد القاذف. (9) أي ومن أن المقر، أو المقرة نسب الزنا إلى نفسه بأن قال:
(إني زنيت) هذا دليل لعدم ثبوت الحد على القاذف بمجرد قذف المرأة. = (*)
ص 47
زنيت. وزناه (1) ليس مستلزما لزناها (2)، لجواز (3) الاشتباه عليها (4) أو الإكراه.
كما يحتمل المطاوعة وعدم الشبهة، والعام (5) لا يستلزم الخاص. *
(هامش) *
= وخلاصته: إن المقر، أو المقرة إنما نسب الزنا إلى نفسه ولم ينسبه إلى المرأة، أو
المرأة لم تنسبه إلى الرجل، وزناه بها، أو زناها به لا يستلزم زنا الآخر بالزاني
لإمكان أن يكون الرجل قد أكرهها على الزنا، أو كانت نائمة فزنى بها، أو خدرت
أعصابها ثم زنى بها. وكذلك المرأة إذا زنت بالرجل لا يستلزم زنا الرجل بها لإمكان
أن تكون المرأة قد أكرهت الرجل على الزنا بها، أو كان الرجل نائما فزنت به، أو خدرت
أعصابه فالحاصل أن زنا الرجل بالمرأة لا يستلزم زنا المرأة به. وكذلك زنا المرأة
بالرجل لا يستلزم زنا الرجل بها. إذن لا يثبت حد القذف للقاذف. (1) أي زنا الرجل
بالمرأة من إضافة المصدر إلى الفاعل. والمفعول وهي المرأة محذوف. (2) أي لزنا
المرأة مع الرجل. من إضافة المصدر إلى الفاعل. والمفعول وهو الرجل محذوف. (3) تعليل
لعدم الملازمة بين زنا الرجل وزنا المرأة، أو زنا المرأة بالرجل، وزنا الرجل بها
كما علمت في الهامش رقم 9 ص 46. (4) أي على المرأة كما لو اعتقدت أنه زوجها، أو
كانت نائمة فلا يصدق عليها أنها زانية. وكذلك لو اشتبه على الرجل لو زنت المرأة به
فإنه يمكن أن يعتقد أنها زوجته، أو أكرهته على الزنا، أو كان نائما فزنت به. (5)
وهو الإقرار بالزنا بمعين عام يشمل الزنا بمعينة حالة المطاوعة، وعدم الشبهة، ويشمل
حالة الإكراه، أو الاشتباه. =
(*)
ص 48
وهذا (1) هو الذي اختاره المصنف في الشرح. وهو متجه، إلا أن الأول (2) أقوى إلا أن
يدعي (3) ما يوجب انتفائه عنها كالإكراه والشبهة عملا بالعموم (4). ومثله (5) القول
في المرأة وقد روي عن علي عليه السلام قال: إذا سألت الفاجرة من فجر بك فقالت: فلان
جلدتها حدين: حدا للفجور وحدا لفريتها على الرجل المسلم (6) (و) كذا يثبت الزنا
(بالبينة كما *
(هامش) *
= وكذلك زنا المرأة برجل معين يشمل حالة المطاوعة وعدم الشبهة، ويشمل حالة الإكراه،
أو الاشتباه. فالعام هذا لا يدل على الخاص الذي هو أحد الفردين إلا بالقرينة وهي
منتفية هنا. (1) وهو عدم وجوب الحد على هذا النحو المذكور في الهامش رقم 4 ص 47.
(2) وهو وجوب حد القذف. (3) أي يدعي المقر ما يوجب انتفاء الحد عن المرأة التي نسب
الزنا اليه. أو تدعي المرأة ما يوجب انتفاء الحد عن الرجل الذي نسبت الزنا اليها.
(4) أي بعموم الية الكريمة في قوله تعالي: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا
بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا واولئك هم الفاسقون).
النور: الية 4. (5) أي ومثل ما قلنا في الرجل في القذف يأتي بأسره في المرأة لو
نسبت زناها إلى رجل معين. (6) (مستدرك الوسائل) المجلد 3 ص 227. الحديث 3 - 2. =(*)
ص 49
سلف) في الشهادات من التفصيل (1). (ولو شهد به (2) قل من النصاب) المعتبر فيه (3)
ولو أربعة رجال (4)، أو ثلاثة وامرأتان (5) أو رجلان واربع نسوة (6) وإن ثبت
بالأخير (7) الجلد خاصة (حدوا) أي من شهد وإن كان واحدا (للفرية) (8) وهي الكذبة
العظيمة، لأن الله تعالي سمى من قذف ولم يأت بتمام الشهداء